4 ـ المحقق الإصفهاني
وسلك المحقق الإصفهاني مسلكاً آخر لبيان استحالة استعمال اللّفظ الواحد في أكثر من معنى ، وهو مركّب من أُمور :
الأول : إن للشيء وجودين ، وجود حقيقي ووجود جعلي تنزيلي ، فللمعنى وجود حقيقي في الخارج ، ووجود جعلي يتحقق باللّفظ الموضوع له ، مع كون اللّفظ من الكيف المسموع ، فعندما نقول « زيد » فإن هذا اللّفظ وجود طبيعة كيف مسموع بالذات ، ووجود جعلي للمسمّى بهذا الاسم .
والثاني : إن حقيقة الإستعمال إيجاد المعنى باللّفظ ، لكنْ بالوجود الجعلي التنزيلي المذكور .
والثالث : إنّ الإيجاد والوجود واحد حقيقةً متعدد اعتباراً ، إذ الحقيقة إنْ اُضيفت إلى القابل فهو الوجود ، وإنْ أضيفت إلى الفاعل فهو الإيجاد .
وعلى هذه الأسس ، فإنه يستحيل استعمال اللّفظ في أكثر من معنى ، حتى مع عدم لحاظ اللّفظ أصلا ، ووجه الإستحالة : إنه لا يوجد عندنا إلاّ لفظ واحد ، وله وجود واحد ، فلما استعمل في المعنى الأوّل حصل له الوجود بالوجود التنزيلي ، فلو اريد استعماله في الثاني أيضاً كان إيجاداً آخر كذلك ، فيكون استعماله في المعنيين محصّلا للإيجادين ، لكنّ الموجود عندنا واحد لا غير ، فيلزم وحدة الوجود وتعدّد الإيجاد ، وهذا محال ، لكون الوجود عين الإيجاد كما تقدَّم في المقدّمة الثالثة.
Menu