3 ـ التضادُّ بين المفاهيم
وهذا الوجه ذكره صاحب ( الكفاية ) كتتمّة للوجه الثاني ، ثم قال : « وقد يقرَّر هذا وجهاً على حده ويقال : لا ريب في مضادّة الصّفات المتقابلة المأخوذة من المبادي المتضادّة على ما ارتكز لها من المعاني ، فلو كان المشتق حقيقةً في الأعمّ ، لما كان بينها مضادّة بل مخالفة ، لتصادقها فيما انقضى عنه المبدء وتلبَّس بالمبدء الآخر . فزيد الذي كان قائماً ثم قعد يصدق عليه الآن عنوان « القاعد » ، فلو كان المشتق حقيقةً في الأعم لصدق عليه الآن عنوان « القائم » أيضاً ، وكونه قائماً وقاعداً في الآن الواحد اجتماعٌ للضدّين ارتكازاً ، فهذا التضادّ الإرتكازي يكشف عن أن صدق المشتق على من انقضى عنه التلبس مجاز وليس بحقيقة .
وفيه :
إن غاية ما يدلّ عليه هذا الوجه وقوع التضادّ على أثر تبادر خصوص المتلبّس من المشتق ، ولولا تبادره منه لما وقع ، فلا يكون هذا الوجه دليلا على حدة ، وإنما يتفرّع على الوجه الأوّل .
هذه هي الوجوه التي احتجّ بها صاحب ( الكفاية ) وغيره من القائلين بالقول الأوّل ، وعمدتها هو الوجه الأوّل ، وقد عرفت اندفاع الشبهات عنه ، فالقول الأوّل هو المختار.
Menu