2 ـ صحّة السّلب
قال في ( الكفاية ) بعد التبادر : وصحّة السلب مطلقاً عما انقضى عنه ، كالمتلبّس به في الإستقبال ، وذلك ، لوضوح أن مثل « القائم » و « الضارب » و« العالم » وما يرادفها من سائر اللّغات ، لا يصدق على من لم يكن متلبّساً بالمبادئ وإنْ كان متلبّساً بها قبل الجري والإنتساب ، ويصحّ سلبها عنه ، كيف ؟ وما يضادّها ـ بحسب ما ارتكز من معناها في الأذهان ـ يصدق عليه ، ضرورة صدق « القاعد » عليه في حال تلبّسه بالقعود بعد انقضاء تلبّسه بالقيام ، مع وضوح التضادّ بين « القاعد » و « القائم » بحسب ما ارتكز لهما من المعنى ، كما لا يخفى .
وهذا الإستدلال لا يخلو من إبهام ، فإنّ صحّة الحمل وصحة السّلب على قسمين : صحّة الحمل والسّلب المفهومي ، وصحّة الحمل والسّلب المصداقي . فصحّة الحمل المفهومي بالحمل الأوّلي علامة الحقيقة ، وصحة السّلب كذلك علامة المجاز ، وصحّة الحمل المصداقي بالحمل الشائع علامة الحقيقة ، ويقابله صحة السلب كذلك ، فإنه علامة المجاز ، والتقرير المذكور في ( الكفاية ) وغيرها إنما هو صحة السّلب بالحمل الشائع الصناعي ، لأنّ « زيداً » الذي انقضى عنه « الضرب » نسلب عنه ذلك بماله من المعنى ، ثم نقول : لو كان الموضوع له « الضارب » هو الأعم ، لكان زيد المنقضي عنه التلبس بالضرب مصداقاً له ، إلاّ أن صحّة سلب ذلك عنه دليلٌ على أنّ هذا الفرد ليس مصداقاً لكلّي « الضارب » فيثبت أن الطبيعة غير متحققة فيه ، ويثبت أنه غير موضوع له ، بل هو المتلبّس فقط .
هذا توضيح الاستدلال ، وسيأتي تحقيق الحال في ذلك عند النظر في كلام المحقق الإصفهاني.
Menu