هل في الفعل دلالة على الزمان ؟
المشهور بين النحاة ذلك ، وقد نصّ صاحب ( الكفاية ) وجماعة على أنه اشتباه ، لأنّه لابدّ لكلّ مدلول من دالّ يدلّ عليه ، والأفعال ليست إلاّ الموادّ والهيئات ، أمّا المادّة فتدلّ على الحدث فقط ، وأما الهيئة فهي عبارة عن معنىً حرفي ، وهو واقع النسبة الخاصّة ، فلا دالّ على دخول الزمان في مداليل الأفعال .
وربما يقال : بأن الزمان مدلولٌ التزامي للفعل ، لا مطابقي وتضمّني .
وفيه : إن الأفعال تستعمل في موارد كثيرة لا تلازم لها مع الزمان ولا تقارن ، ففي قولنا « مضى الزمان » مثلا لا توجد ملازمة ومقارنة بين المضيّ والزمان .
وأيضاً : لا ريب في إطلاق هذه الهيئات على الله وعلى المجرَّدات ، فنقول : « علم الله » ، وعلم الله سبحانه فوق الزمان ، والمجرَّد لا زمان فيه .
فإمّا أنْ يلتزم بالمجاز في جميع هذه الإستعمالات ، لكنّها من فعل الإنسان ، وهو لا يرى ـ بالوجدان ـ فرقاً في الإستعمال والإسناد بين « علم الله » و « علم زيد » ، فلا وجه للإلتزام بالمجاز ، ولا دليل على الدلالة الإلتزامية بل الدليل دالّ على عدمها .
وعلى الجملة ، فإن هذه الصيغ تستعمل في جمل لا دخل للزمان في معانيها ، وليس في استعمالها فيها أيّة عناية .
وكلّ ذلك دليلٌ على بطلان ما اشتهر على ألسنة النّحاة .
Menu