مناقشة الاستاذ
فقد أورد عليه شيخنا : بأنه إنْ اُريد من كون الوضع بالإستعمال من قبيل جعل اللاّزم والملزوم : كون الجعل واحداً والمجعول اثنين . ففيه : أن الجعل والمجعول واحد حقيقةً واثنان اعتباراً .
وإنْ اُريد من ذلك أن هنا جعلين ومجعولين ، أحدهما جعل اللاّزم والآخر جعل الملزوم ، وهو الذي صرّح به في ( الاصول على النهج الحديث )(1) بأنْ يكون لازم الوضع ، هو استعمال اللّفظ في المعنى بنحو يكون اللّفظ حاكياً عن المعنى بنفسه ـ لا بالقرينة ـ وبجعل هذا اللاّزم يتم جعل الملزوم وهو الوضع ، فكان اللّحاظ الآلي في مرحلة جعل اللاّزم ، واللّحاظ الإستقلالي في مرحلة جعل الملزوم ، فلم يجتمع اللّحاظان .
ففيه : إن هذا خروج عن البحث ، لأن المفروض فيه اتحاد الوضع والإستعمال ، وهذا غير متحقق فيما ذكر . هذا أوّلا . وثانياً : إن نسبة الملزوم إلى اللازم نسبة العلّة إلى المعلول ، فكيف يتصوّر استتباع جعل اللاّزم ـ مع الإحتفاظ على كونه لازماً ـ جعل الملزوم ؟ إنّ فرض كونه لازماً هو فرض التأخّر له ، وفرض استتباعه جعل الملزوم هو فرض التقدّم له ، فيلزم اجتماع التقدّم والتأخّر في الشيء الواحد .
(1) الاصول على النهج الحديث : 32.