قال الاستاذ :
والتحقيق : إن الإشكال لا يندفع على أيّ المسالك الموجودة في باب حجيّة خبر الثقة ، وهي أربعة :
أحدها : ماذهب إليه المشهور ، وهو إنشاء الشارع الحكم في مورد الخبر وغيره من الأمارات ، كما قال العلاّمة : ظنّية الطريق لا تنافي قطعيّة الحكم ، واختاره المحقق الخراساني والمحقق العراقي في باب المجعول في الإستصحاب .
والثاني : اِنّ المجعول في مورد الأمارات هو المنجزيّة والمعذريّة . وهو ما يستفاد من بعض كلمات المحقق الخراساني .
والثالث : إن مدلول أدلّة اعتبار الخبر مثلا جعله علماً وكاشفاً عن الواقع ، وهو ما يعبّر عنه بمسلك تتميم الكشف ، وهو مختار الميرزا .
والرابع : تنزيل المؤدّى منزلة الواقع .
والبحث عن حجيّة الخبر ـ على جميع هذه المسالك ـ بحث عن عوارضه لا عن عوارض السنّة … وهذا هو مقتضى الأدلة أيضاً ، كقوله عليه السلام : « لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا »(1) وقوله عليه السلام : « العمري ثقتي ، فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي وما قال لك عنّي فعنّي يقول »(2) والتشكيك من عوارض الخبر لا من عوارض السنّة ، ومقتضى الخبر الثاني هو تنزيل كلام الراوي منزلة كلامه ، لا أنّ كلامه يثبت بكلام الرّاوي .
وتلخص : عدم تمامية القول بموضوعيّة الأدلّة الأربعة للاصول ، مطلقاً .
هذا ، ولا يخفى أن هذا ما استقرّ عليه رأي شيخنا أخيراً ، أمّا في الدورة السابقة التي حضرناها ، فقد اختار أنّ الموضوع ذوات الأدلة مع أعميّة السنّة ، وأجاب عن الإشكال بخروج عدّة من المباحث المهمة كالشهرة ومباحث الألفاظ والاستلزامات العقليّة ، بأنّه يبتني على القول بكون العرض الداخلي غريباً لا ذاتيّاً ، وهو خلاف التحقيق ، لعدم الواسطة في العروض في هذه المسائل ، وعدم صحّة السّلب .
لكنّ هذا الجواب إنما يتمُّ في مباحث الألفاظ ونحوها ، أمّا في الشهرة مثلا فلا ، ولذا التزم بكون البحث عنها في علم الاُصول استطراديّاً ، وهو كما ترى .
وأما ما ذهب إليه صاحب ( الكفاية ) ـ وتبعه الميرزا ـ من أنه كلّي منطبق على جميع موضوعات مسائله … فغير صحيح أيضاً ، لما عرفت من أن الصحيح أنْ لا جامع بين موضوعات مسائل علم الاصول .
(1) وسائل الشيعة 27/150 ط مؤسّسة آل البيت ، الباب 11 من أبواب صفات القاضي رقم : 40 .
(2) وسائل الشيعة 27/138 ط مؤسّسة آل البيت ، الباب 11 من أبواب صفات القاضي رقم : 4 .