رأي جماعة من المحقّقين
وأجاب المحقق النائيني والمحقق العراقي ـ وذكره الفيض الكاشاني في أوّل ( تفسيره ) ـ بأنّ المراد من هذه الأخبار هو : أن المعنى المستعمل فيه اللّفظ هو معنىً كلّي ، وأن مصاديقه متعددة ، لكنّها مخفيّة على غير أهل الذكر الذين هم الراسخون في العلم ، العالمون بتأويل القرآن ، فإنّهم يعلمون بتطبيقات تلك الكليّات .
وعلى الجملة ، فإن بطون القرآن من قبيل استعمال اللّفظ الكلّي وإرادة المصاديق ، كلفظ « الميزان » فإنه لم يوضع هذا اللّفظ لهذه الآلة التي توزن بها الأشياء في السّوق ، بل الموضوع له هذا اللّفظ هو « ما يوزن به » وحينئذ يصدق على الإمام المعصوم عليه السلام ، لوصفه بالميزان في الأخبار ، وعلى القرآن ، وعلى علم المنطق ، وعلى العقل ، وعلى الميزان المعروف … وميزان كلّ شيء بحسبه .
وأورد شيخنا : بأنه أيضاً لا ينطبق على جميع الموارد ، مثلا قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ )(1) لا يوجد للفظ « الصلاة » معنىً كلّي ، لينطبق على هذه « الصلاة » ذات الأقوال والأفعال ، وعلى أمير المؤمنين عليه السلام ، ولا يوجد جامع بين الأمرين ، اللّهم إلاّ الجامع الانتزاعي مثل « ما يتوجَّه به إلى الله » لكنّه غير موضوع له لفظ « الصَّلاة » بالوضع الحقيقي ، وإنْ قلنا بجواز استعماله فيه مجازاً ، لزم القول بكونه في جميع موارد استعماله في القرآن مجازاً ، وهذا لا يلتزم به .
(1) سورة العنكبوت : 45 .