رأي المحقّق الخراساني
وأجاب عن ذلك بوجهين :
الأول : إن مدلول هذه الأخبار ، أنّ الله تعالى قد أراد ـ في ظرف إرادة المعنى الواحد من اللّفظ ـ معاني اخرى غيره ، فليس اللّفظ مستعملا في سبعة معان ، بل استعمل في معنى واحد واُريدت الستة الاخرى مقارنةً لهذا المعنى .
قال شيخنا دام بقاه : وهذا أمر ممكن ، لكنّه لا يتناسب مع مدلول تلك الأخبار ، وهو كون بعض المعاني ظاهر اللّفظ وبعضها باطنه ، وأين هذا ممّا ذكره ؟
والثاني : إن المعنى المطابقي للّفظ هو معنى واحد ، وسائر المعاني التي اشير إليها في الأخبار إمّا لوازم له وإمّا هي ملزومات له ، فليس الدّلالة من باب الإستعمال ، بل من باب الدّلالة الإلتزامية ، ولا مانع من أن يكون للّفظ الدالّ على معناه مطابقةً معان عديدة يَدل عليها إلتزاماً .
وقد استحسن جماعة من الأعلام هذا الوجه .
وخالف شيخنا فقال : بأنّه جيّد موجبةً جزئيّة ، وإلاّ ففي المعاني التي هي من بطون القرآن ـ بحسب الروايات ـ موارد كثرة ليست دلالة اللّفظ عليها من باب الدلالة الإلتزامية .
إن اللوازم على قسمين ، فمنها : لازم جليّ ، كالحرارة بالنسبة إلى النار ، فمع استعمال لفظ النار في معناه ودلالته عليه وهي الذات بالمطابقة ، توجد له دلالة على الحرارة أيضاً ، ولكنَّ هذه الدلالة لا تسمّى « باطناً » لأنّ الملازمة جليّة لكلّ أحد .
ومنها : لازم خفي ، وفي هذا القسم يمكن قبول كلام صاحب (الكفاية)، إلاّ أن أخبار بطون القرآن لا ظهور فيها لكون الدلالة بالإلتزام ، ففي قوله تعالى (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ )(1) قد ورد أنهما الحسن والحسين عليهما السلام(2) ، وأين الملازمة بين « البحرين » و « الحسن والحسين » ، ليدل اللَّفظ عليهما بالدلالة الإلتزامية ؟ وفي قوله تعالى ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ )(3) ورد أن المراد هو زيارة الإمام ولقاؤه بعد أعمال الحج(4) … وأين الملازمة بين ذلك وماهو المدلول المطابقي للفظ « التفث » أي : أخذ الشارب وقصّ الظفر ؟ .
وتلخّص : إن ماذكره صاحب ( الكفاية ) لا يحلّ المشكل .
(1) سورة الرحمن : 19 .
(2) تفسير الصافي 5/109 ط الأعلمي .
(3) سورة الحج : 29 .
(4) تفسير الصافي 3/376 ط الأعلمي .