* رأي المحقق العراقي
إن الحروف موضوعة للأعراض النسبيّة الإضافيّة(1) ، كمقولة الأين والإضافة ونحوهما . وتوضيح كلامه هو :
إن المعاني على أقسام :
1 ـ المعاني الموجودة في نفسها لنفسها ، وهي الجواهر ، كزيد .
2 ـ المعاني الموجودة في نفسها لغيرها ، وهي الأعراض ، كالبياض .
3 ـ المعاني التي لا نفسيّة لها مطلقاً ، لا في نفسها ولا لنفسها ، بل في غيرها لغيرها بغيرها ، مثاله : وجود الرابط ، كالرابط بين زيد وقائم ، وهو المعبَّر عنه بـ « أست » بالفارسيّة .
ثم إنّ القسم الثاني ينقسم إلى قسمين : الأعراض النسبيّة ، والأعراض غير النسبيّة .
العرض لا يكون بغير نسبة ، لأنه لغيره ، لكن بعض الأعراض ليس له إلاّ نسبة واحدة ، وهي النسبة إلى الموضوع ، كالبياض القائم بالجدار ، وبعضها ذو نسبتين ، كمقولة الأين ، فمثل « في » له نسبة إلى المكين وهو « زيد » ، وإلى المكان وهو « الدار » فيسمّى القسم الأول بالعرض غير النسبي ، والثاني بالعرض النسبي .
فالأسماء موضوعة للجواهر كلفظ الجسم ، وللأعراض غير النسبيّة كلفظ البياض .
والحروف موضوعة للأعراض النسبيّة ، كـ « من » و « على » و « في » و «إلى» …
والهيئات موضوعة للرابط ، وهو « أست » .
فالموضوع له الحرف عبارة عن العرض النسبي ، وعن الوجود الرابطي ، والموضوع له الهيئة عبارة عن وجود الرابط ، فالحروف مثل « من » و « إلى » و« في » هي لأقسام الأين ، الأين الظرفي « في » والأين الإبتدائي « من » والأين الإنتهائي « إلى » .
قال : ومن الحروف ما لا نتمكّن من تصوّر معناه الموضوع له مثل « اللام » فلا ندري هو من أيّ مقولة ، لكن هذا لا يضرّ بالنظرية ، ولا يوجب بطلانها .
وعلى الجملة ، فالهيئات موضوعة لوجود الرابط ، مفاد « أست » .
والحروف على قسمين : منها ماهو موضوع للنسبة ، مثل حروف التمنّي والترجّي ، فهي موضوعة لنسبة تشوّق المترجّي إلى المترجّى ، والمتمنّي إلى المتمنّى ، مثل ليت ولعل . ومنها الحروف الاخرى ، فهي موضوعة للأعراض النسبيّة مثل « من » و « إلى » و « في » .
قال : ومعاني الحروف متعلّقة بالغير ، فلا إستقلاليّة لها ، لا في ذواتها ولا في وجوداتها .
(1) نهاية الأفكار 1/42 ـ 52 ط جامعة المدرّسين.