* رأي المحقق البروجردي
وقال السيّد البروجردي طاب ثراه : إنه لابدّ من البحث عن حقيقة المعنى الحرفي على ضوء الأمر الواقع ، فما هو واقع الحال في مثل : سرت من البصرة إلى الكوفة ؟
إن الواقع في هذا المثال وجود اُمور في الخارج ، ووجود معان لا في الخارج .
أمّا الامور الموجودة في الخارج فهي :
1 ـ السير .
2 ـ الفاعل .
3 ـ البصرة .
4 ـ الكوفة .
فأمّا الامور الاخرى ، التي هي معاني غير موجودة في الخارج ، بل هي موجودة بالوجود الإندكاكي فهي :
أ ـ إن السير الموجود في الخارج ليس هو مطلق السير ، بل هو سير صادر من هذا الفاعل الخاص المعيّن ، وهذا حيث صدوري ، لا يمكن انكاره ، لكنه مندك في الكلام ولا خارجيّة له .
ب ـ إن السير الموجود في الخارج له جهة ابتداء ، فإنه من البصرة ، وهذا حيث شروعي .
ج ـ إنّ السير الموجود في الخارج له جهة انتهاء ، فإنه إلى الكوفة ، وهذا حيث انتهائي .
فظهر أن في مثالنا سبعة معان ، أربعة منها خارجيّة وثلاثة اندكاكيّة ، والخارج ظرف وجود كلّ هذه المعاني على هذا الشكل والترتيب الخاص .
لكنّ ما يتصوَّر ويأتي إلى الذهن من هذا الكلام تارةً يكون على طبق الموجود في الخارج ، واُخرى يرى الذهن كلّ واحد من تلك المعاني الخارجيّة والإندكاكيّة مستقلاًّ عن غيره . فإنْ رآها على النحو الأوّل فقد رآها مرتبطة ، وإنْ رآها على النحو الثاني فلا ارتباط بينها ، ولولا ما يُوجد بينها الإرتباط بفعل الذهن ، فإنه يرى « سيراً » و « فاعلا » و « بصرة » و « كوفة » و« حيث شروع » … وهكذا .
وعلى الجملة ، إن هذه المعاني تارةً : تأتي إلى الذهن كما هي مرتبطة في الخارج ، واخرى : تأتي إلى الذهن متفرقة مستقلّة بلا ارتباط فيما بينها ، فهي بحاجة إلى ما يحقّق الإرتباط فيما بينها .
قال : فما كان بحسب اللّحاظ الأوّل ] يعني اللّحاظ المطابق للخارج [رابطةً بالحمل الشائع ، يصير بحسب اللّحاظ الثاني مفهوماً مستقلاًّ يحتاج في ارتباطه بالغير إلى رابط .
وقال : إن وجدت في الذهن على وزان وجودها الخارجي يكون معنىً أدوياً ، وإنْ انتزع عنها مفهوم مستقل ملحوظ بحياله في قبال مفهومي الطرفين ، يصير مفهوماً اسميّاً(1) .
(1) نهاية الاصول 16 ـ 17.