خلاصة البحث في العلائم
وتلخّص : إنّ ما يمكن أن يكون علامةً هو التبادر عند أهل اللّسان فقط ، علامة عقلائية ، وبالسيرة غير المردوعة شرعيّة ، مع لحاظ النقاط المذكورة فيه .
هذا ، وإنّ الأخذ بعلائم الحقيقة والمجاز والاستفادة منها عمل اجتهادي للوصول إلى المعنى الحقيقي الموضوع له اللّفظ متى وقع الجهل به ، إلاّ أن المطلوب في هذا البحث هو قالبيّة اللّفظ للمعنى وعدمها ، كما في لفظ « الأسد » مثلا ، فإنه ليس قالباً للرجل الشجاع بل للحيوان المفترس ، فإذا قصد المتكلّم منه الرجل الشجاع احتاج إلى إقامة القرينة ، وعليه :
فإن كان اللّفظ قالباً للمعنى دالاًّ عليه منسبَقاً منه بلا قرينة ، فذاك المعنى هو المعنى الحقيقي عند أهل اللّسان ، فلو تكلّم المتكلّم وتردّدنا في أنه هو المقصود أو غيره ، فلا ريب في وجوب حمل كلامه عليه ، إذ المفروض كونه المعنى المنسبق منه إلى الذهن بلا قرينة .
وأمّا مع احتمال وجود القرينة ، أو وجود شيء يحتمل القرينيّة ، فهنا مسلكان :
أحدهما : إنّ أصالة الحقيقة حجّة تعبّديّة ، وعليه ، فلا يضرّ احتمال وجود القرينة ، بل اللّفظ يحمل على معناه الحقيقي المنكشف بالتبادر .
والآخر : إن أصالة الحقيقة حجّة من باب إفادة الظهور العرفي ، وهذا هو المختار ، وعليه ، فلا مناص من نفي احتمال وجود القرينة أو قرينيّة الموجود ، حتى ينعقد الظهور ، ولا مجال لنفي الإحتمال بالإستصحاب ، بأنْ نتمسّك باستصحاب عدم وجود القرينة أو باستصحاب العدم الأزلي لنفي قرينيّة الموجود ، لأنّ المطلوب هو الظهور العرفي ، وهو موضوع الأثر في بناء العقلاء غير المردوع عنه شرعاً ، وهو لازم عقلي لكلا الإستصحابين ، فالأصل مثبت .
وحينئذ ، ينحصر الأمر بالرجوع إلى بناء العقلاء ، وهو على التوقّف في حال وجود ما يتحمل كونه قرينةً تحفُّ بالكلام ، وعلى عدم الإعتناء باحتمال وجود القرينة .
هذا ، ولا يخفى أنّ هذا البحث كلّي . أمّا في خصوص ألفاظ الروايات فالأمر مشكل جدّاً على كلا المسلكين ، لعلمنا بضياع كثير من الكتب ووقوع التقطيع في نصوص الأخبار وغير ذلك من العوارض ، وكذا الكلام في الأحاديث النبويّة ، إذ لاريب في تحريف اليهود وغيرهم لكثير من الأحاديث ودسّهم فيها ما ليس منها ، ومع هذه الأحوال كيف يستند إلى الأصل المذكور في فهم معاني الألفاظ الواردة في تلك النصوص ؟
هذا تمام الكلام فيما يتعلّق بعلائم الحقيقة والمجاز ، وطرق كشف المعنى الحقيقي وتمييزه عن المعنى المجازي.
Menu