جواب صاحب الكفاية
وأجاب عنه بما ملخَّصه : إنّ العناوين الواقعة موضوعات للأحكام الشرعيّة على ثلاثة أقسام :
( أحدها ) أنْ يكون أخذ العنوان لمجرّد الإشارة إلى ماهو في الحقيقة موضوع الحكم ، لمعهوديّته بهذا العنوان ، من دون دخل لاتّصافه به في الحكم أصلا ، كأن يقول : أكرم من في المسجد ، إذا كان موضوع الحكم ذوات الأشخاص ، وكان عنوان « الكون في المسجد » عنواناً مشيراً إليهم .
( ثانيها ) أنْ يكون لأجل الإشارة إلى عليّة المبدء للحكم ، مع كفاية مجرّد صحّة جري المشتق عليه ، ولو فيما مضى ، كما في قوله تعالى : ( السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا )(1) وقوله تعالى : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا )(2) حيث أنّ نفس حدوث السّرقة والزنا علّة لترتّب الحكم ، ولا دخل لبقائهما فيه .
( ثالثها ) أنْ يكون لأجل الإشارة إلى عليّة المبدء للحكم ، مع عدم كفاية مجرّد صحّة جري المشتق فيما مضى ، بل يكون الحكم دائراً مدار صحّة الجري عليه واتّصافه به حدوثاً وبقاءً ، كما في دوران حكم وجوب التقليد مدار وجود الإجتهاد ـ مثلا ـ حدوثاً وبقاءً ، وعدم كفاية وجوده حدوثاً في بقاء الحكم .
قال في ( الكفاية ) : إذا عرفت هذا فنقول : إن الإستدلال بهذا الوجه ، إنما يتم لو كان أخذ العنوان في الآية الشريفة على النحو الأخير ، ضرورة أنه لو لم يكن المشتق للأعمّ لما تمّ بعد عدم التلبّس بالمبدء ظاهراً حين التصدّي ، فلابدّ أن يكون للأعمّ ليكون حين التصدّي حقيقةً من الظالمين ولو انقضى عنه التلبس بالظلم . وأما إذا كان على النحو الثاني فلا ، كما لا يخفى ، ولا قرينة على أنه على النحو الأوّل ، لو لم نقل بنهوضها على النحو الثاني …
قال شيخنا الاستاذ : فقد وافق صاحب الكفاية على ابتناء الإستدلال بالآية على بحث المشتق ، لو كان أخذ العنوان فيها على النحو الثالث .
(1) سورة المائدة : 38 .
(2) سورة النور : 2 .