جواب الميرزا النائيني
لكنّ جواب المحقق النائيني أدقّ من الجواب المزبور وهو : إن عنوان « الظالم » المأخوذ في الآية المباركة ، قد أخذ في الموضوع بنحو القضيّة الحقيقيّة ، فهو علّة للحكم وليس بعنوان مشير ، ويكون تحقّقه دخيلا في الحكم ، فكلّ من تحقّق منه الظلم وتلبّس به فلا يكون أهلا لأنْ تناله الإمامة ، فلا ارتباط لاستدلال الإمام عليه السلام بالآية بالنزاع في المشتق ، وإنما يبتني على كيفيّة دخل العنوان وعليّته للحكم ، وأنه هل يكفي حدوث التلبّس بالظلم لعدم النيل أو يعتبر معه بقاء التلبّس ؟
نعم ، لو كانت القضيّة خارجيّة لا حقيقيّة ، كان للنزاع حول المشتق مجال فيها ، لأن الحكم في القضيّة الخارجيّة يتوجّه إلى الأفراد المحقّقة الوجود ، فإن كان المشتق حقيقةً في الأعم وقع النزاع في شمول الحكم لمن انقضى عنه التلبس بالمبدء ، فمن انقضى عنه التلبّس بالعلم ، يبتني شمول الحكم بوجوب إكرام العلماء وعدم شموله له ، على النزاع في مسألة المشتق .
ولو تردّد الأمر في القضيّة الحقيقيّة بين كفاية حدوث التلبّس وعدم كفايته بل يعتبر البقاء أيضاً ، فمقتضى الأصل الأوّلي هو أن حدوث العنوان دخيل في حدوث الحكم وبقاؤه دخيل في بقائه ، إلاّ إذا قامت القرينة على خلافه ، وقد دلَّت القرينة في آية السرقة ، وآية الزنا ، ونحوهما ، على كفاية حدوث التلبّس بالمبدء في ترتّب الحكم وهو الحدّ .
والأمر في قوله تعالى : ( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) كذلك ، والقرينة في هذه الآية هي مناسبة الحكم والموضوع ، وذلك عظمة مقام الإمامة وجلالة قدرها ، ورفعة محلّها ، فمن تلبّس بالشرك وعبادة الأوثان ولو آناً مّا فهو ظالم ، و ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) وهو غير لائق لتصدّي الإمامة ، حتّى لو لم نقل باشتراط العصمة في الإمام ، لتنفّر الناس منه ، واستهانتهم به(1) .
(1) أجود التقريرات 1/121 ـ 122 .