جواب المحقق الخوئي
وأجاب المحقق الخوئي بأنّ الفرق أمّا بين القواعد الفقهية الجارية في الشبهات الموضوعية ، وبين القواعد الأصوليّة ، فبأنّ القواعد الفقهيّة تنتج في تلك الشبهات الأحكام الجزئيّة الشخصيّة ، كقاعدتي الفراغ والتجاوز ، وقاعدة اليد ، ونفي الضرر … فقاعدة الفراغ مثلا تفيد عدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ من العمل ، وهذه الكبرى إذا انضمّت إلى صغراها وهو عمل الشخص المشكوك في صحّته ، أنتجت صحّة ذاك العمل . هذا حال هذا القسم من القواعد الفقهية . وأمّا المسائل الاصوليّة ، فالناتج منها حكم كلّي عام ثابت لجميع المكلّفين ، كمسالة حجيّة خبر الواحد .
وأمّا القواعد الفقهيّة الجارية في الشبهات الحكمية ، كقاعدة ما لا يضمن ، فإنّها وإنْ انتجت حكماً كليّاً ـ كالقواعد الاصولية ـ إلاّ أن الفرق عدم وقوعها في طريق الإستنباط ، وإنّما هي أحكام مستنبطة تطبّق في مواردها ، بخلاف القواعد الاصوليّة ، فإنّها تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي أو تكون مرجعاً للفقيه في تعيين الوظيفة العمليّة . فهذا هو الفرق(1) .
أقول : وقد أورد عليه تلامذته ، كالسيد الصدر وشيخنا الاستاذ بالنقض والحلّ .
وحاصل الكلام عدم تماميّة هذا الجواب ، لكون بعض القواعد الفقهيّة الجارية في الشبهات الموضوعيّة تفيد حكماً كليّاً لا جزئيّاً(2) ، كما أنّ من المسائل الاُصوليّة ما يطبّق في مورده وليس واسطةً في الاستنباط ، ومن ذلك الاستصحاب والبراءة والاحتياط ، وهذه من أهم المسائل ، ففي الإحتياط مثلا نستنبط من « احتط لدينك » و « قف عند الشبهة » حكماً شرعيّاً ثم نطبّقه على مورده ومصداقه .
(1) مصابيح الاصول 11 ـ 13 .
(2) قد وقع الخلاف بين الأعلام في مفاد أدلة قاعدتي نفي الضرر والحرج ، في أن الحرج والضرر المنفيّين شخصيّان أو نوعيّان، فالسيّد الخوئي مثّل بهما لإفادة الحكم الشخصي بناءً على كونهما شخصيين ، والمستشكل عليه يشكل بأنهما يفيدان الحكم الكلي بناءً على كونهما نوعيّين . فالحاصل كون الإستدلال والإشكال كليهما على المبنى.