جريان البحث على جميع الأقوال
فنقول في القول الأوّل ، بأن المسبَّبات في العقود والإيقاعات من صيغها الخاصّة كالبيع والطلاق اُمور اعتباريّة ، وهذا الاعتبار لا يخلو ، إمّا أن يكون اعتبار نفس المنشيء للصّيغة ، أو يكون اعتبار العقلاء ، أو يكون اعتبار الشارع ، وهذه الإعتبارات قد تجتمع وقد لا تجتمع ، فلو باع ما لا ماليّة له عند العقلاء ، فقد تحقّق البيع في اعتباره ، دون اعتبار العقلاء والشارع ، ولو باع بيعاً ربويّاً تحقّق البيع في اعتباره واعتبار العقلاء دون الشارع ، وقد تجتمع الإعتبارات الثلاثة ، كما في المعاملة الجامعة للشرائط المؤثرة شرعاً .
فإن قلنا : بأن البيع اسم للمسبّب في اعتبار المنشئ فقط ، جرى فيه بحث الصحيح والأعم ، لما ذكرنا في معنى الصحّة والفساد ، إذ بناءً عليه يكون صحيحاً فيما لو رتّب العقلاء والشارع الأثر على اعتبار المنشئ ، ويكون فاسداً فيما إذا لم يرتّبوا الأثر .
وكذا إن قلنا : بأنه اسم للمسبّب في اعتبار العقلاء ، فإن ترتّب الأثر موقوف على اعتبار الشارع ، فيكون صحيحاً ، وإلاّ فهو فاسد .
فيكون المسبب ـ وهو البيع ـ إمّا باعتبار المنشئ وإمّا باعتبار العقلاء ، وأمّا باعتبار الشارع فباطلٌ ، لأن الشارع شأنه شأن الإمضاء ، ولا تأسيس له في المعاملات .
لكنّ التحقيق أنه باعتبار المنشئ فقط ، لأنه فعله ، وهو البائع ، أو الموجر ، أو المطلِّق … وهكذا .
وتلخّص : إن البحث على مبنى المشهور جار في ألفاظ المعاملات .
وهو أيضاً جار على القول الثاني ، وهو مبنى الميرزا ، لأن نسبة « بعت » إلى ما يتحقق به ـ وهو « البيع » ـ نسبة الآلة إلى ذي الآلة ، وعليه ، فالمتحقّق بتلك النسبة إمّا يكون في اعتبار المنشئ للصّيغة وإمّا يكون في اعتبار العقلاء ، أمّا اعتبار الشارع فلا يوجد ، وكلّ منهما يتّصف بالصحّة والفساد .
وكذلك الحال على القول الثالث ، وهو مبنى السيد الخوئي ، فإنّه يتّصف بالصحّة والفساد أيضاً ، لأن ذلك الأمر يكون قائماً باعتبار المنشئ قطعاً ، لأن لفظ « بعت » يصير بناءً على ذلك مبرزاً لعمله النفساني ، وهو الذي يعتبر الزوجيّة بين هند وزيد ، ثم يبرز اعتباره بقوله : « زوّجت » … وهكذا ، ثم هذا الإعتبار يكون نافذاً عند العقلاء تارةً واخرى غير نافذ ، فإن كان نافذاً عدّ صحيحاً عقلائيّاً ، ثم الشارع تارةً ينفّذه فيكون صحيحاً شرعيّاً ، وإلاّ ففاسداً .
فظهر : أنّ البحث يجري في ألفاظ المعاملات على جميع المباني.
Menu