تعريف المحقق النائيني
والمحقق الميرزا بتعريفه العلم بأنّه العلم بالكبريات التي لو انضمّت إليها صغرياتها استنتج منها حكم فرعي كلّي(1) ، أخرج المسائل غير الاصولية ، لكونها لا تقع كبرى قياس الاستنباط ، فعلم الرجال الباحث عن أحوال الرجال من حيث الوثاقة وعدمها ، يقول : زيد ثقة مثلا ، فيقع هذا صغرى للقياس في قولنا : هذا ما أخبر بوجوبه زيد الثقة ، وكلّ ما أخبر الثقة بوجوبه فهو واجب ، فهذا واجب .
قال شيخنا :
لكنّه قد اعترف في ( فوائد الاصول ) ، في الأمر الثّاني من مبحث الإستصحاب ، بأن لازم هذا التعريف خروج مباحث ظهور الأمر والنهي في الوجوب والحرمة عن علم الاصول ، والتزم بكونها استطراديّة .(2)
قال شيخنا دام بقاه : بل يستلزم خروج مباحث ظهور الأمر في الفور أو التراخي ، والمرّة أو التكرار ، وكذا مباحث العمومات والمفاهيم ، لأنّ البحث في هذه كلّها في الصغريات ، بل يسري الإشكال إلى مباحث الإطلاق والتقييد بناءً على كون الإطلاق بدلالة اللّفظ لا بحكم العقل .
وأضاف شيخنا إشكالا آخر على القياس الذي يشكّله الميرزا ، وهو أنّه باطل لا يتلائم مع مبناه في حجية الخبر ، لأنّه يكون على مبناه ـ وهو الطريقية ـ على الشكل التالي : هذا ما قام على وجوبه الخبر ، وكلّ ما قام على وجوبه الخبر فهو معلوم الوجوب ، فهذا معلوم الوجوب ، فتكون النتيجة كون المخبر به معلوماً وجوبه شرعاً ، لكنّ هذا مقتضى مبنى جعل الحكم المماثل لا مبنى الطريقيّة ، وهذا مطلب مهم ، ومن هنا أيضاً يقع الإشكال على مبنى التنجيز والتعذير في وجه الفتوى بالوجوب أو الحرمة أو الإستحباب أو الكراهة .
وعلى الجملة ، فهذا التعريف وإنْ أخرج علم الرّجال وغيره من العلوم ، إلاّ أنه يستلزم خروج مسائل كثيرة عن علم الاصول .
(1) فوائد الاصول 1 / 2 .
(2) فوائد الاصول 4 / 308 .