تتمّة
هناك في الأبواب الفقهيّة المختلفة روايات أجاب فيها الأئمة عليهم السلام عن السؤال عن معاني ألفاظ معيّنة ، كلفظ « الكثير » و « الجزء » و « السهم » و « الشيء » و « القديم » .
فلو أوصى بمال كثير لشخص فما معنى « الكثير » ؟ في الخبر أنه « ثمانون » استناداً إلى قوله تعالى : ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَة )(1) بلحاظ أن المراد من « المواطن » هو غزوات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقد كانت 80 غزوة .
ولو أوصى بسهم من ماله لفلان ، ففي الخبر أنه يعطى « الثُمن » لقوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ )(2) فالسّهام في الآية ثمانية .
ولو أوصى بجزء من ماله ، ففي خبر إنه « العُشر » وفي آخر « السُّبع » .
ولو أوصى بشيء ، حكم بـ « السُّدس » .
ولو أوصى بعتق كلّ عبد قديم من عبيده ، اعتق من كان عنده منذ « ستة أشهر » أو أكثر .
واختلفت كلمات العلماء في هذه الموارد ، فالسيد عبد الله شبّر حملها على الحقيقة الشرعيّة ، وبناءً على ذلك ، فإن هذه الألفاظ تحمل على المعاني المذكورة أينما جاءت في لسان الأدلّة . أمّا بناءً على إنكار الحقيقة الشرعيّة فإنها تكون خاصّة بمواردها ويؤخذ بها من باب التعبّد .
وقال صاحب ( الجواهر )(3) في المسألة الخامسة من كتاب العتق ـ بعد كلام المحقق في معنى « القديم » بأنّ هذه النصوص محمولة على المعاني العرفيّة ، فكأن الإمام عيَّن للّفظ المصداق العرفي ، ( قال ) : وكل لفظ شك في معناه العرفي أوكل الأمر في معناه إلى الله والراسخين في العلم ، ثم جعل هذه الألفاظ نظير « الوجه » و « المسافة » و « الركوع » .
وعلى الجملة ، فهو ينفي الحقيقة الشرعيّة فيها ، ويرى أن هذه الألفاظ تحمل على تلك المعاني في سائر الموارد لأنها المعاني العرفيّة لها .
قال شيخنا : والحق هو القول بلزوم الأخذ بالخبر إذا صحّ سنده في خصوص مورده تعبّداً ، فلا يصح التعدّي عنه إلى سائر الموارد ، لعدم الحقيقة الشرعيّة ، وعدم تماميّة كلام صاحب ( الجواهر ) ، المبني على كون الواضع للألفاظ هو الله تعالى ، وقد تقرّر بطلان هذا المبنى .
(1) سورة التوبة : 25 .
(2) سورة التوبة : 60 .
(3) جواهر الكلام 34/133 .