النظر في مناقشة السيّد الخوئي
وقد أجاب في ( المحاضرات )(1) عن استدلال استاذه النائيني ، لأجل إثبات الإمكان بناءً على التركّب ، بما حاصله : إنه لا حاجة إلى كون الجامع بين المتلبّس ومن انقضى عنه المبدء جامعاً حقيقيّاً ، ليرد عليه ماذكر ، بل يكفي الجامع الإنتزاعي ، كعنوان « أحدهما » ، فإنه ممكن ، بأنْ يلحظ الواضع الذات المتلبّسة بالمبدء ، والذات التي انقضى عنها المبدء ، وينتزع منهما جامعاً هو « أحدهما » ويكون كلٌّ منهما مصداقاً له ، وذلك ، لأن حقيقة الوضع هي الحكم وهو اعتبارٌ لا غير ، فكما يمكن جعل الوجوب مثلا للجامع الإنتزاعي ، بأن يكون الواجب « أحد الامور الثلاثة » ، فكذا وضع اللّفظ للجامع الإنتزاعي بين المتلبس وما انقضى عنه التلبس بالمبدء .
وأمّا بناءً على البساطة ، فإن أصل المبنى باطل ، إذ المشتق مركّب لا بسيط .
وإلى هذا يعود ما أجاب به في ( المحاضرات ) عن بيان المحقق الإصفهاني .
وأورد عليه شيخنا دام ظلّه :
بأنَّ هذا الجواب غير صحيح ، لأن الميرزا وإنْ جوّز ـ في بحث الواجب التخييري ـ جعل الوجوب على أحد الامور ، كما في خصال الكفّارة ، إلاّ أنه قال بأنه خلاف ظواهر الأدلَّة .
أمّا هنا ، فله أن يقول : إنّ حكمة الوضع هي الدّلالة على المعاني والتفهيم بإحضار المعاني بواسطة الألفاظ عند الأذهان ، فلو كان المشتق موضوعاً حقيقةً لعنوان « أحدهما » الجامع بين الحصّتين ، لكان هذا المعنى هو الآتي إلى الذهن ، إذ من المحال أنْ يوضع المشتق لهذا المعنى من دون أن يكون له حكاية عنه ، مع أنّ هذا العنوان لا يحضر إلى الذهن من المشتق ، كالعالم والضارب وغيرهما .
فإن قيل : إن الموضوع هو مصداق أحدهما وواقعه ، لا المفهوم .
قلنا : هذا خلاف نصّ كلام المستشكل ، لأنه يقول بالجامع الإنتزاعي ، وليس فيه ذكرٌ لواقع الجامع الإنتزاعي ، وأيضاً ، هذا خلف ، لأنّ مورد البحث عند كافّة العلماء هو : هل الموضوع له الحصّة أو الأعم ؟ فالموضوع له عامّ ، و « واقع أحدهما » فردٌ ، فيكون الموضوع له خاصّاً .
(1) محاضرات في اصول الفقه 1/264.