الكلام على الاشكالات
والإشكالات التي أوردت على هذا المبنى هي :
أوّلا : إنّه دائماً توضع الألفاظ على المعاني ، لأن المعاني هي التي تدخل الذهن ، وإذا كانت الحروف موضوعة للوجودات الرابطة ، لزم انتقال الوجود إلى الذهن ، وقد تقرّر في محلّه أنّ الوجود لا يدخل الذهن ، فليس معنى الحروف هو الوجود الرابط . وبعبارة اخرى : الألفاظ موضوعة للماهيّات ، والوجود الرابط لا ماهيّة له ، فلا ينتقل إلى الذهن بواسطة الإستعمال معنىً ، لأن الماهية ما يقال في جواب ماهو ؟ وهذا لابدّ وأنْ يكون معنىً مستقلاًّ في المفهوميّة متعقَّلا ، وليس الوجود الرابط مستقلاًّ في التعقل ، فهو فاقد للماهيّة ، فلا يقبل الإحضار في الذهن ، إذن ، ليس هو الموضوع له الحرف .
وفيه : ليس الموضوع له الحرف وجود الرابط ، بل واقع الربط ، وواقع الشيء غير وجود الشيء ، فالموضوع له « من » ـ مثلا ـ واقع النسبة الإبتدائية لا وجودها .
وثانياً : إذا كان الموضوع له واقع النسبة ، فإنه يلزم في جميع موارد عدم وجود النسبة أن يكون الإستعمال في غير الموضوع له ، والحال أنّا لا نجد أيّة عناية في تلك الموارد ، فينكشف أنه ليس الموضوع له واقع النسبة . مثلا : في « وجود الباري في نفسه واجب » توجد لفظة « في » ولا فرق بينها ] في هذا المورد ، الذي لا توجد فيه نسبة ، إذ لا نسبة بين الباري والظرفية [ وبين المورد الذي توجد فيه النسبة ، مثل « زيد في الدار » .
وفيه : إنه في مثل « وجود الباري في نفسه واجب » لا توجد نسبة في الخارج ، لكنْ هي موجودة في الذهن ، وإلاّ لم يصح القول بأنّ العلم ثابت لله ، فالذهن هو الذي يُوجد النسبة ، وكذلك الحال في مثل « الإنسان إنسان » حيث أن الذهن يجرّد الإنسان من الإنسانيّة ثم يحمل الإنسان عليه ، وإلاّ فليس يصحّ الحمل ، لأنه في الخارج إلاّ الإنسان .
أقول :
هذا الذي ذكرناه هو خلاصة ماذكره شيخنا في الدورة السابقة إشكالا وجواباً .
لكنه في الدورة اللاّحقة ، تعرض للإشكالين وأجاب عنهما بتفصيل أكثر وبيان أوسع ، ولإشكال ثالث موجود في ( المحاضرات ) أيضاً ، وأجاب عنه بالتفصيل كذلك … ونحن نذكر عمدة المطالب بنحو الإيجاز.
Menu