ذكروا للّفظ أحوالا : كالإشتراك ، والتجوّز ، والنقل ، والتخصيص ، والإضمار ، والنسخ ، والإستخدام …
وذلك ، لأن اللّفظ ينقسم إلى أقسام عديدة ، فمن حيث كون المعنى الموضوع له واحداً أو أكثر ، ينقسم إلى المشترك وغير المشترك ، ومن حيث الإستعمال في معناه وغير معناه ، ينقسم إلى الحقيقة والمجاز ، ومن حيث الإضمار في الإسناد وعدم الإضمار ، ينقسم إلى المضمر وغير المضمر ، ومن حيث طروّ النقل على المعنى ، ينقسم إلى المنقول وغير المنقول ، ومن حيث كون المعنى مقيّداً أو غير مقيَّد ، ينقسم إلى المطلق والمقيَّد ، وهكذا .
ولدوران الأمر صورتان :
الصورة الاولى : أنْ يدور أمر اللّفظ بين كلّ من المتقابلين ، كأن يدور بين الإطلاق والتقييد ، أو بين الحقيقة والمجاز ، ونحو ذلك ، ففي هذه الصورة لابدّ من أصل أو قاعدة يرجع إليها :
فإن دار الأمر بين الإشتراك وعدمه ، بأنْ يكون اللّفظ موضوعاً لمعنىً خاصّةً أو له ولغيره معاً بنحو الإشتراك ليكون حقيقةً فيهما ، فلا مجال لأصالة الحقيقة ، لأنها المرجع لتمييز الحقيقة عن المجاز ، والمفروض أنْ لا مجاز في البين ، كما لامجال للأصل العملي كالإستصحاب ، لكونه أصلا مثبتاً ، بل المرجع هو بناء العقلاء ، فإن قام على حمل الكلام على الإختصاص دون الإشتراك فهو ، وإلاّ فلا أصل يرجع إليه . قال المحقق العراقي بوجود هذا البناء عندهم ، والتحقيق خلافه ، بل نجدهم في مثل ذلك يتوقّفون .
ولو دار الأمر بين الحقيقة والمجاز ، فلا شبهة في تحكيم أصالة الحقيقة .
ولو دار الأمر بين الإضمار وعدمه ، فلا ريب في البناء على عدم الإضمار .
ولو دار الأمر بين الإطلاق والتقييد ، فبناء العقلاء على الإطلاق بلا كلام ، فإن فرض وجود محتمل القرينيّة لم يضرّ بالتمسّك بالإطلاق بناءً على حجيّة أصالة الإطلاق من باب التعبّد ، أمّا بناءً على حجيّة أصالة الإطلاق من باب إفادة الظهور ، فلا يندفع الإحتمال بالتمسّك به لينعقد الظهور ، وحيث أن الحق هو هذا المبنى ، فمع وجود محتمل القرينيّة لابدّ من التوقّف .
ولو دار الأمر بين النقل وعدمه ، بأنْ يكون اللّفظ ظاهراً في المعنى الآن ويشك في ظهوره فيه في الزمان السابق ، أو يكون بالعكس ، فبناء العقلاء على عدم النقل ، إمّا على الإطلاق كما عليه سائر العلماء ، وإمّا مقيّداً بحصول الإطمينان كما هو المختار عند الاستاذ .
فإنّ علم بوقوع النقل ، فتارةً يجهل بتاريخ الإستعمال وتاريخ النقل معاً ، بأن استعمل اللّفظ في معنىً وعلم بنقله عنه ، ثم لم يعلم أيّهما المقدّم ، واخرى يكون تاريخ الإستعمال معلوماً وتاريخ النقل مجهولا ، وثالثة عكس الثانية .
قال المحقق العراقي في الصورة الاولى بوجود البناء العقلائي على عدم النقل ، وفي الثانية والثالثة بالتوقّف .
فقال شيخنا بأنّهم يتوقّفون في جميع الصور الثلاثة.
Menu