الجهة الثانية
لا إشكال في قسمين من الأقسام الأربعة ، وهما : الوضع الخاص والموضوع له الخاص ، وهو وضع الأعلام الشخصيّة . والوضع العام والموضوع له العام ، وهو وضع أسماءِ الأجناس كالفرس والأسد وغيرهما .
إلاّ أن هناك بحثاً في المراد من الوضع العام والموضوع له العام ، فقد يلحظ المعنى القابل للوجود والعدم ، والإطلاق والتقييد ، ويوضع اللّفظ لذاته المعرّاة عن كلّ ذلك ، ويعبَّر عن هذا بالماهيّة المهملة . وقد يلحظ المعنى مع تلك الخصوصيّات ، ويوضع للماهيّة اللاّ بشرط عنها ، ويعبَّر عن هذا بالماهية المطلقة ، ويسمّى هذا العام بالعام الفعلي ، كما يسمّى ذاك بالعام الشأني .
إنّ كلاًّ من العامّين يقبَل الوضع ويمكن تحقّقه ، لكنّ مذهب المشهور هو العموم الفعلي ، ومذهب سلطان المحققين هو العموم الشأني .
ثم إنه إن كان اللّفظ في العام موضوعاً للماهيّة القابلة للصّدق على كثيرين مع لحاظ اللاّبشرطية بالنسبة إلى الخصوصيّات ، دَخَلَ الإطلاق واللاّبشرط في حيّز الموضوع له ، وحينئذ فلو اُريد تقييد الماهيّة كالرقبة بالإيمان مثلا ، لزم تجريدها عن خصوصية اللاّبشرطيّة ، فكان التقييد مجازاً . أمّا بناءً على الوضع للعموم الشأني فلا تلزم هذه المجازيّة .
وأيضاً : إذا كانت اللاّبشرطيّة داخلةً في حيّز المعنى الموضوع له ، كانت الدّلالة على الإطلاق والشمول بالوضع ، بخلاف مبنى السّلطان ، فإنها ستكون بمقدّمات الحكمة .
قال الاستاذ
قد ذكرنا إمكان الوضع على كلّ من النحوين ، إلاّ أنّ الحق مع السّلطان في أن الذي صدر من الواضع هو الوضع بنحو الماهيّة المهملة ، لأنّا نحمل على تلك الماهيّة كلاًّ من التقييد والإطلاق ، ونقسّم الماهيّة إلى المهملة والمطلقة والمقيَّدة .
هذا ، ولا يخفى أنه إن كان الموضوع له هو الماهيّة المهملة ـ الماهيّة من حيث هي هي ـ فإنّها غير قابلة للّحاظ ، والإهمال في الموضوع في مرحلة الجعل غير معقول عندهم ، فلا محيص عن القول بأنها تلحظ بواسطة الماهيّة اللاّبشرط القسمي ، أمّا الماهيّة اللاّبشرط فلا تحتاج في لحاظها إلى واسطة ، وقد أشار المحقق العراقي إلى هذا الفرق.
Menu