مواقف متناقضة
وتناقضت مواقف الصحابة والتابعين من حديث الغدير… فالشيخان يهنّئان… وحسّان ينشد… وجماعة يشهدون… وآخرون يحتجّون.
وفي المقابل: الفهري يشكّك في نبوّة الرّسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم… .
وأبو الطّفيل يستنكر… حيث يقول:
«فخرجت وكأنّ في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم، فقلت له: إنّي سمعت عليّاً يقول كذا وكذا. قال: فما تنكر!؟ قد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه ]وآله[ وسلّم يقول ذلك له»(1).
وجماعة يكتمون، فيدعو الإمام عليه السلام عليهم، منهم: عبدالرحمن بن مدلج، جرير بن عبداللّه البجلي، يزيد بن وديعة، زيد بن أرقم، أنس بن مالك، البراء بن عازب.
أخرج أحمد بإسناده عن عبدالرحمن بن أبي ليلى: «أنّه شهد عليّاً في الرحبة قال:
أنشد اللّه رجلاً سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وشهد يوم غدير خمّ إلاّ قام، ولا يقوم إلاّ من رآه.
فقام اثنا عشر رجلاً فقالوا: قد رأيناه وسمعناه حيث أخذ بيده يقول: اللّهمّ والِ من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. إلاّ ثلاثة لم يقوموا. فدعا عليهم فأصابتهم دعوته»(2).
وفي رواية ابن الأثير: «وكتم قوم فما خرجوا من الدنيا حتى عموا وأصابتهم آفة»(3).
وفي رواية المتّقي: «وكتم قوم فما فنوا من الدنيا حتى عموا وبرصوا»(4).
ويقول الراوي: «أتيت زيد بن أرقم فقلت له: إنّ ختناً لي حدّثني عنك بحديث في شأن عليّ يوم غدير خمّ. فأنا أُحبّ أن أسمعه منك.
فقالَ: إنّكم معاشر أهل العراق فيكم ما فيكم.
فقلت له: ليس عليك منّي بأس.
فقال: نعم، كُنّا بالجحفة…»(5).
ويقول آخر: «قلت لسعد بن أبي وقّاص: إنّي اُريد أن أسألك عن شيء وإنّي أتّقيك:
قال: سل عَمّا بدا لك فإنّما أنا عَمّك.
قال: قلت: مقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فيكم يوم غدير خمّ…»(6).
ويقول آخر: «… فقلت للزهري: لا تحدّث بهذا بالشام وأنت ملء اُذنيك سبّ عَليّ.
فقال: واللّه عندي من فضائل علي ما لو حدّثتُ لقُتلت»(7).
(1) المسند 4 / 370، الخصائص: 100، تاريخ ابن كثير 7 / 346، الرياض النضرة 2 / 223.
(2) مسند أحمد 1 / 119.
(3) اُسد الغابة 4 / 321.
(4) كنز العُمّال 15 / 115.
(5) مسند أحمد 4 / 368.
(6) كفاية الطالب: 62.
(7) اُسد الغابة 1 / 8 .