مفاد حديث الغدير
إنّ من يتأمّل في خبر الغدير… وحديثه… لا يشكّ في أنّ لفظة «المولى» فيه نصّ في إمامة الأمير… وخلافته… فقد قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «ألست أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم؟»(1) مشيراً إلى قوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)(2) وأشهدهم على وجوب طاعته ونفوذ حكمه مطلقاً، كما هو مدلول الآية المباركة(3) ثمَّ فرّع عليه فقال: «فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه»(4).
وهذا المعنى هو الذي فهمه الحاضرون وعلى رأسهم أمير المؤمنين عليه السلام وحسّان بن ثابت، والشيخان، وسائر الأصحاب… .
وهو الذي أنكره الفهري، واستنكره أبو الطفيل، وكتمه فلان وفلان… .
وهو الذي اعترف به جماعة من العلماء المنصفين كتقِيّ الدين المقريزي حيث قال: «قال ابن زولاق: وفي يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة ـ وهو يوم الغدير ـ يجتمع خلق من أهل مصر والمغاربة ومن تبعهم للدعاء، لأنّه يوم عيد، لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ـ عهد إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب فيه واستخلفه…»(5).
ويشهد بذلك شواهد كثيرة منها ما ذكرناه… .
وتلخّص: أنّ (المولى) فيه بمعنى (الأوْلى) بالطاعة والتصرّف ونفوذ الحكم، وهذه هي الولاية الكبرى والإمامة العظمى.
(1) وردت هذه الجملة في صدر الحديث في رواية أحمد وابن ماجة والبزّار والنسائي وأبي يعلى والطبري وابن حبّان والطبراني والدارقطني… وغيرهم من أعلام المحدّثين من أهل السُنّة.
(2) سورة الأحزاب، الآية 6.
(3) سورة الحشر، الآية 7.
(4) رواه بفاء التفريع أحمد والنسائي والطبري والطبراني والضياء والمحاملي وأبو يعلى وابن كثير والسمهودي والمتّقي، وغيرهم.
(5) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار 2 / 220.