شواهد حديث غدير
ويشهد بثبوت حديث الغدير، ودلالته على إمامة الأمير عليه السلام اُمور كثيرة… نتعرّض لبعضها:
فمنها: قضية المرتدّ الذي جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقال:
«يا محمّد! أمرتنا من اللّه أنْ نشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّك رسول اللّه، وبالصّلاة والصوم والحجّ والزكاة، فقبلنا منك. ثم لم ترض بذلك، حتى رفعت بضبع ابن عَمّك ففضلّته علينا وقلت: من كنت مولاه فعَليُّ مولاه، فهل هذا شيء منك أم من اللّه؟!
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: واللّه الذي لا إله إلاّ هو، إنّ هذا من اللّه.
فولّى الرجل ـ يريد راحلته ـ وهو يقول: اللّهمّ إن كان ما يقول محمّد حقّاً فأمطر علينا حجارةً من السماء، أو ائتنا بعذاب أليم.
فما وصل إليها حتى رماه اللّه بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله.
فأنزل اللّه تعالى ـ وهي الاُخرى من الآيات النازلة في قضيّة الغدير ـ :
(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذاب واقِع * لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ * مِنَ اللّهِ ذِي الْمَعارِجِ)(1).
ومنها: حديث الغدير بلفظ: «من كنت أوْلى به من نفسه فعلي وليّه»(2).
ومنها: أنّه قيل لعمر بن الخطّاب: إنّك تصنع بعليّ ما تصنعه بأحد من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله!!؟
فقال: «إنّه مولاي»(3).
ومنها: قول ابن حجر المكّي في مقام الجواب عن الاستدلال بحديث الغدير:
«سلّمنا أنّه أوْلى، لكن لا نسلّم أنّ المراد أنّه أوْلى بالإمامة، بل بالاتّباع والقرب منه، فهو كقوله تعالى: (إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعُوهُ) ولا قاطع، بل ولا ظاهر على نفي هذا الاحتمال، بل هو الواقع، إذ هو الذي فهمه أبو بكر وعمر، وناهيك بهما من الحديث، فإنّهما لَمّا سمعاه قالا له: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كلّ مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدارقطني.
وأخرج أيضاً أنّه قيل لعمر: إنّك تصنع بعِلّي شيئاً تصنعه بأحد من أصحاب النبي.
فقال: إنّه مولاي»(4).
فلو سلّمنا أنّ المراد هو الأوْلى بالاتباع، فهل الأولى بالاتّباع إلاّ الإمام؟
(1) روى نزولها في هذه القضية: أبو عبيد الهروي، أبو بكر النقّاش، الثعلبي، القرطبي، سبط ابن الجوزي، الحمويني، الزرندي، السمهودي، أبو السعود، الشربيني، الحلبي، المناوي،… وغيرهم، أنظر: نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار 8 / 340 ـ 400.
(2) أنظر: نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار 9 / 79.
(3) أنظر: نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار 9 / 141 ـ 144.
(4) الصواعق المحرقة: 26.