بسم اللّه الرحمن الرحيم
كلمة المركز
نظراً للحاجة الماسّة والضرورة الملحّة لنشر العقائد الحقّة والتعريف بالفكر الشيعي، بالبراهين العقليّة المتقنة والأدلّة النقلية من الكتاب والسنّة، من أجل ترسيخها في أذهان المؤمنين، ودفع الشبهات المثارة حولها من قبل المخالفين، فقد بادر (مركز الحقائق الاسلامية) بإخراج سلسلة علمية ـ عقائدية، متنوّعة، تميّزت بجامعيتها بين العمق في النظر والقوّة في الاستدلال والوضوح في البيان، تحت عنوان (إعرف الحق تعرف أهله)، وهي من بحوث سماحة الفقيه المحقق آية اللّه الحاج السيد علي الحسيني الميلاني (دام ظلّه)، آملين أن نكون قد قمنا ببعض الواجب الملقى على عواتقنا في هذه الأيام التي كثرت فيها الشبهات وازدادت الانحرافات، سائلين اللّه عزّ وجلّ أن يسدّد خطانا على نهج الكتاب والعترة الطاهرة كما أوصى الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، والحمد للّه رب العالمين.
مركز الحقائق الاسلامية
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين.
موضوع البحث ـ كما طلبتم ـ (مظلومية الزهراء عليهاالسلام) ولماذا لم تقولوا مناقب الزهراء؟ أو لم تقولوا حياة الزهراء؟ وإنما عنونتم مظلوميّة الزهراء؟ قد يقال ـ كما قيل ـ قضايا الزهراء سلام اللّه عليها قضايا تاريخية، ولا ينبغي أن تثار، والقضيّة التاريخية قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة.
سنحاول أن نبحث عن هذه القضية بلا أيّ تعصب وتشنج، وإنْ كان الصبر على ما وقع، وقراءته والحديث عنه وتحمل ذلك كلّه أمراً صعباً، سترون أنّي لا أذكر شيئاً لا من مصادر القوم فحسب، بل من أعظم مصادرهم، وأشهر كتبهم، وأصحها، وأقدمها، سأحاول ذلك قدر الإمكان.
ولو كانت قضيةً تاريخيةً فحسب، فحروب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم وغزواته كلّها قضايا تاريخية، ومواقف أمير المؤمنين عليه السّلام في تلك الغزوات والحروب قضايا تاريخية، ومبيت أمير المؤمنين في ليلة الهجرة على فراش رسول اللّه قضية تاريخية، وزواج علي من فاطمة الزهراء ـ بعد أن ردّ رسول اللّه غيره ـ قضية تاريخية، وحروبه أيضاً قضايا تاريخية، وقضية كربلاء وشهادة الحسين عليه السّلام وأصحابه وأولاده قضية تاريخية، فلماذا نبحث عنها؟
وحتى عند أهل السنة أيضاً: كون أبي بكر مع رسول اللّه في الغار قضية تاريخية، صلاته التي يزعمونها في مكان رسول اللّه في مرضه قضية تاريخية، وهكذا بقية الأُمور التي يستدلّون بها في كتبهم على فضائل أئمّتهم ومناقب أُمرائهم وخلفائهم حسب زعمهم.
الحقيقة أنّ قضية الزهراء سلام اللّه عليها أساس مذهبنا، وجميع القضايا التي لحقت تلك القضية وتأخّرت عنها كلّها مترتبة على تلك القضية، ومذهب الطائفة الإمامية الاثني عشرية بلا قضية الزهراء سلام اللّه عليها وبلا تلك الآثار المترتبة على تلك القضية ـ هذا المذهب ـ يذهب ولا يبقى، ولا يكون فرقٌ بينه وبين المذهب المقابل.
سنبحث عن قضية الزهراء سلام اللّه عليها في ضمن مطالب، وهذه المطالب مترتبة، أي كلّ مطلب منها يترتب على المطلب الذي قبله، حتى نصل إلى المطلب الأخير، ونستنتج من جميع هذه المطالب، ثم نذكر أهمّ مسائل القضيّة.
وسترون أنها قضية علميّة عقائدية مذهبية، لها كلّ التأثير في مصير هذا المذهب، ولها كلّ التأثير في سلوك أبناء هذا المذهب، وإليكم المطالب بالتفصيل: