قضايا أُخَر
وبقيت أمور أتعرّض لها باختصار:
الأمر الأوّل:
إنّ فاطمة سلام اللّه عليها ماتت ولم تبايع أبا بكر، ماتت وهي واجدة على أبي بكر، وهذا موجود في الصحاح وغيرها، وقد قرأنا نصّ الحديث عن عائشة.
أترون أنّها ماتت بلا إمام؟ ماتت ولم تعرف إمام زمانها؟ ماتت ميتة جاهلية وهي التي فضّلوها على أبي بكر وعمر؟ وهي التي قالوا: بأنّ إيذاءها كفر ومحرّم؟ ماتت بغير إمام ميتةً جاهلية؟ أيقولها أحد؟ فمن كان إمامها؟
الأمر الثاني:
إنّ عليّاً عليه السّلام لم يؤذن أبا بكر بموت الزهراء، ولم يخبره بأمرها، ولم يحضر لا هو ولا غيره للصلاة عليها.
وأنتم تعلمون أنّ الصلاة على الميّت في تلك العصور كانت من شؤون الخليفة، ومع وجود الخليفة أو أمير المدينة لا يحقّ لأحد أنْ يتقدّم للصلاة على ميّت إلاّ بإذن خاص، ولذا لمّا دفنوا عبد اللّه بن مسعود بلا إذن وبلا إخبار من عثمان، أرسل عثمان إلى عمّار بن ياسر وضرب عمّار لهذا السبب، وله نظائر كثيرة.
فكان عدم إخباره أبا بكر للحضور للصلاة رمزاً وعلامةً لرفض إمامته وخلافته.
ولكن القوم يعلمون بأنّ عدم صلاة أبي بكر على الزهراء دليل على عدم إمامته، فوضعوا حديثاً بأنّ عليّاً أرسل إلى أبي بكر، فجاء أبو بكر وجاء معه عمر وعدّة من الأصحاب وصلّوا على الزهراء، واقتدى علي بأبي بكر في تلك الصلاة، وكبّر أبو بكر أربعاً في تلك الصلاة!! لاحظوا الكذب!! أنقل لكم هذا النص:
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني بترجمة عبد اللّه بن محمّد بن ربيعة بن قدامة القدامي المصيصي: أحد الضعفاء، ]هذا الشخص أحد الضعفاء[ أتى عن مالك ]مالك بن أنس[ بمصائب منها:
عن جعفر بن محمّد يرويه عن أبيه الباقر عن جدّه قال: توفّيت فاطمة ليلاً، فجاء أبو بكر وعمر وجماعة كثيرة، فقال أبو بكر لعلي: تقدّم فصلِّ، قال لا، لا واللّه لا تقدّمت وأنت خليفة رسول اللّه، فتقدّم أبو بكر وكبّر أربعاً(1).
وهذا من مصائب أُمّتنا، أنْ لا تنقل القضايا كما هي، وتوضع في مقابلها موضوعات يتقوّلون على أهل البيت ويضعون الأخبار عن أهل البيت أنفسهم! وكم له من نظير، ولي مذكّرات في هذا الباب، أَنّهم كثيراً مّا يضعون الأشياء عن لسان أهل البيت، عن لسان أمير المؤمنين وأبنائه، وعن لسان ولده محمد بن الحنفيّة ينقلون كثيراً من الأشياء.
الأمر الثالث:
وكان دفنها ليلاً بوصية منها، لتبقى مظلوميّتها على مدى التاريخ، وخطاب أمير المؤمنين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم عند دفنها يكشف للتاريخ جوانب كثيرة من المصائب والحقائق، وحقيق على كّل مؤمن أن يراجع تلك الخطبة لأمير المؤمنين عند دفن الزهراء سلام اللّه عليها.
يقول ابن تيميّة في مقام الجواب: كثير من الناس دفنوا ليلاً.
ولكن فاطمة أوصت أن تغسّل ليلاً وأن تدفن ليلاً، وأنْ لا يخبر أحد ممّن آذاها.
(1) ميزان الإعتدال 2 / 488، لسان الميزان 3 / 334.