أحقاد قريش و بني أُميّة على النبي و أهل بيته
وهنا ننقل بعض الشواهد على أحقاد قريش وبني أُميّة بالخصوص وضغائنهم على النبي وأهل البيت، حتّى أنّهم كانت تصدر منهم أشياء في حياة النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم ولمّا لم يتمكّنوا من الإنتقام من النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم بالذات، انتقموا من أهل بيته لينتقموا منه.
قال أمير المؤمنين عليه السّلام «اللهمّ إنّي أستعديك على قريش، فإنّهم أضمروا لرسولك صلّى اللّه عليه وآله وسلم ضروباً من الشر والغدر، فعجزوا عنها، وحُلت بينهم وبينها، فكانت الوجبة بي والدائرة عليّ، اللهمّ احفظ حسناً وحسيناً، ولا تمكّن فجرة قريش منهما ما دمت حيّاً، فإذا توفّيتني فأنت الرقيب عليهم وأنت على كلّ شيء شهيد»(1).
فيقول أمير المؤمنين: إنّ قريشاً أضمروا لرسول اللّه ضروباً من الشرّ والغدر وعجزوا عنها، واللّه سبحانه وتعالى حال بينه وبين تلك الشرور أن تصيبه، إلى أنْ توفّي صلّى اللّه عليه وآله وسلم، فكانت الوجبة بأمير المؤمنين والدائرة عليه، كما أنّه في هذا الكلام يشير بأنّ قريشاً ستقتل الحسن والحسين أيضاً انتقاماً من النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم.
وقال عليه السّلام في خطبة له: «وقال قائل: إنّك يا ابن أبي طالب على هذا الأمر لحريص، فقلت: بل أنتم ـ واللّه ـ أحرص وأبعد، وأنا أخص وأقرب، وإنّما طلبت حقّاً لي وأنتم تحولون بيني وبينه، وتضربون وجهي دونه، فلما قرّعته بالحجة في الملأ الحاضرين هبّ كأنه بهت لا يدري ما يجيبني به.
اللّهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم، فإنهم قطعوا رحمي، وصغّروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمراً هو لي، ثم قالوا: ألا إنَّ في الحق أنْ تأخذه وفي الحق أن تتركه»(2).
وفي كتاب له عليه السّلام إلى عقيل: «فدع عنك قريشاً وتركاضهم في الضلال، وتجوالهم في الشقاق، وجماحهم في التيه، فإنّهم قد أجمعوا على حربي إجماعهم على حرب رسول اللّه قبلي، فجزت قريشاً عنّي الجوازي، فقد قطعوا رحمي وسلبوني سلطان ابن أُمّي»(3).
وروى ابن عدي في ]الكامل[ في حديث: «فقال أبو سفيان: مثل محمّد في بني هاشم مثل ريحانة وسط نتن، فانطلق بعض الناس إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم فأخبروا النبي، فجاء صلّى اللّه عليه وآله وسلم ـ يعرف في وجهه الغضب ـ حتّى قام فقال: «ما بال أقوام تبلغني عن أقوام» إلى آخر الحديث.
هذا في الكامل لابن عدي(4) بهذا النص، والقائل أبو سفيان.
وهو بنفس السند واللفظ موجود أيضاً في بعض المصادر الأُخرى، إلاّ أنّهم رفعوا كلمة: «فقال أبو سفيان»، ووضعوا كلمة: «فقال رجل».
لاحظوا ]مجمع الزوائد[(5).
وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال: «أتى ناس من الأنصار إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم فقالوا: إنّا نسمع من قومك، حتّى يقول القائل منهم إنّما مثل محمّد مثل نخلة نبتت في الكبا»(6).
والكبا الأرض غير النظيفة.
لكن هذا الحديث أيضاً في بعض المصادر محرّف.
ثمّ إنّ السبب في هذه الضغائن ماذا؟ ليس السبب إلاّ أقربية أمير المؤمنين عليه السّلام إلى النبيّ صلّى اله عليه وآله وسلم فينتقمون منه انتقاماً من النبيّ، مضافاً إلى مواقف أمير المؤمنين عليه السّلام في الحروب وقتله أبطال قريش، وهذا ما صرّح به عثمان لأمير المؤمنين في كلام له معه عليه الصلاة والسلام، أذكر لكم النص الكامل:
ذكر الآبي في كتاب ]نثر الدرر[ ـ وهو كتاب مطبوع موجود ـ وعنه أيضاً ابن أبي الحديد في ]شرح نهج البلاغة[ عن ابن عباس قال: «وقع بين عثمان وعلي كلام، فقال عثمان: ما أصنع إن كانت قريش لا تحبّكم، وقد قتلتم منهم يوم بدر سبعين كأنّ وجوههم شنوف الذهب»(7).
هذه هي الأحقاد والضغائن، ولم يتمكنّوا من الإنتقام من رسول اللّه، فانتقموا من أهل بيته كما أخبر هو صلّى اللّه عليه وآله وسلم.
وهكذا توالت القضايا، انتقموا من الزهراء وأمير المؤمنين، وانتقموا، وانتقموا، إلى يوم الحسين عليه السّلام وبعد يوم الحسين عليه السّلام… وإلى اليوم… .
(1) شرح نهج البلاغة 20 / 298.
(2) نهج البلاغة 2 / 84 ، الخطبة: 172.
(3) نهج البلاغة 3 / 60، الكتاب 36، شرح نهج البلاغة 2 / 119 و 16 / 151.
(4) الكامل في ضعفاء الرجال 2 / 249.
(5) مجمع الزوائد 8 / 215.
(6) مجمع الزوائد 8 / 215.
(7) شرح نهج البلاغة 9 / 22.