سرّ المطالبة بفدك في كلمتين:
إذن، لم تكن القضيّة قضيّة فدك بحدّ ذاتها، بل الغرض أمر آخر . . . ولذا لمّا سأل الحاكم العبّاسي الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) أنْ يحدّ له حدود فدك فقال: «أمّا الحد الأول: فعريش مصر، والثاني: دومة الجندل، والثالث: أُحد، والرابع: سيف البحر»(1).
وانكشف السرّ في المطالبة بفدك، وهو يتخلّص في كلمتين:
1 ـ الإعلان عن حقّ أمير المؤمنين (عليه السلام) في الإمامة والخلافة بعد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)وأنّ قريشاً قد غدرت به والأنصار خذلوه.
2 ـ الإعلان عن عدم أهليّة أبي بكر للخلافة والإمامة بعد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لعدم توفّر الشروط فيه وعدم تحقّق الإجماع عليه لو كانت الإمامة تثبت بغير النصّ!
هذا هو السرّ في المطالبة بفدك، ولكنّ المنافقين لا يفقهون أو يتجاهلون «ونعم الحكم اللّه» كما قال أمير المؤمنين(2)، وإنّا للّه وإنّا إليه راجعون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتّقين، والحمد للّه رب العالمين.
(1) بحار الأنوار: 48 / 144 / باب مناظراته (عليه السلام) مع خلفاء الجور، والحاكم العباسي الذي سأل الإمام عن فدك هو هارون.
(2) نهج البلاغة: 147 / خطبة 45 من كتاب له (عليه السلام) إلى عثمان بن حنيف الأنصاري عامله على البصرة.