تنبيهان حول الحافظ ابن خراش:
لقد: ترجم الحافظ الخطيب البغدادي لابن خراش، فذكر مشايخه والرواة عنه، وقال في وصفه: «وكان أحد الرحّالين في الحديث إلى الأمصار بالعراق والشام ومصر وخراسان، وممّن يوصف بالحفظ والمعرفة» فلم ينقل كلامه في حديث: نحن معاشر الأنبياء، إنّما أورد ما رواه الذهبي عن ابن عدي عن عبدان، ولكنّه حرّف الكلام، فقال: «أنبأنا أبو سعد الماليني، أخبر أنّ عبد اللّه بن عدي، قال: سمعت عبدان يقول: أجاز بندار ابن خراش بألفي درهم، فبنى بذلك حجرةً ببغداد ليحدّث بها، فما متّع بها ومات حين فرغ منها»(1).
وابن الجوزي لم يورد هذا ولا ذاك، وإنّما قال بترجمته: «وكان أحد الرحّالين في الحديث إلى الأمصار، وممّن يوصف بالحفظ والمعرفة، إلاّ أنّه ينبز بالرفض»(2).
والسيوطي أيضاً ترجم لابن خراش فأورد ما قاله في الحديث لكنْ محرّفاً، قال: «قال عبدان: قلت له: حديث «ما تركنا صدقة»؟ قال: باطل. قال: وقد روى مراسيل . . .»(3) فأسقط من الكلام: «أتّهم مالك بن أوس بالكذب».
فلاحظ تلاعبهم بالقضايا والأخبار واعتبر!!
2 ـ اعتماد القوم عليه في سائر المواضع
إنّه مع ذلك كلّه، لم يسقط هذا العالم الجليل عن الاعتماد، في القضايا الأُخرى ولم تسقط آراؤه في الأحاديث والجرح والتعديل عن الاعتبار في سائر المواضع، فطالما نقلوا آراءَه وعُنُوا بها، فراجع كتبهم المختلفة إنْ شئت ليطمئنّ قلبك، مثل (تهذيب التهذيب) و(هدى الساري ـ مقدمة فتح الباري في شرح البخاري) للحافظ ابن حجر العسقلاني وهو متأخر عن الذهبي، فهل يوافقه المنصف المحقّق المحنّك في خطابه لابن خراش: «فأنت زنديق معاند للحق فلا رضي اللّه عنك»؟!
(1) تاريخ بغداد 10 / 280.
(2) المنتظم 7 / 291.
(3) طبقات الحفّاظ: 301.