دلالتها على العصمة
وأمّا بالنظر إلى الآية المباركة، فلا خلاف في دلالتها على عصمة «اُولي الأمر»، بل إن دلالتها على ذلك مقطوع به كما نصَّ عليه الفخر الرّازي، وذلك لأن الله تعالى قد أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، وكلّ من أمر الله بطاعته كذلك وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ، إذ لو لم يكن معصوماً كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون ذلك أمراً منه بفعل ذلك الخطأ وإنه محال.
لكنّ العصمة إنّما تثبت لأهل البيت الطاهرين عليهم السّلام دون غيرهم من أفراد هذه الاُمّة، فهم الذين تجب متابعتهم وإطاعتهم الإطاعة المطلقة، وهذه هي الولاية.
وقد استدل علماؤنا الأعلام كالعلاّمة الحلّي وغيره رحمهم الله بهذه الآية على إمامة أمير المؤمنين عليه السّلام، فحاول الفخر الرازي ـ بعد اعترافه بدلالتها على عصمة «اولي الأمر» صرفها عن الدلالة على ذلك قائلاً:
«حمل الآية على الأئمة المعصومين على ما تقوله الروافض في غاية البعد» فذكر وجوهاً أوّلها وأهمّها: «إن طاعتهم مشروطة بمعرفتهم وقدرة الوصول إليهم، فلو أوجب علينا طاعتهم قبل معرفتهم كان هذا تكليف ما لا يطاق…»(1).
وهذا واضح السّقوط جدّاً، فإن أمير المؤمنين عليه السّلام قد عرّفه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم منذ اليوم الأول حتى يوم غدير خم، حيث بايع القوم كلّهم أجمعون.
(1) التفسير الكبير 10 / 146.