حديث الغدير بلفظ: أنا أولى بكلّ مؤمن
وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه» ـ الذي استدل به الشيخ الأعظم ـ صدر عنه صلّى الله عليه وآله في موارد عديدة منها يوم غدير خم، كما عرفت في الألفاظ المذكورة.
وقد أخرج أبو القاسم الطبراني بإسناده عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد أن أمر القوم في يوم الغدير بالتمسّك بالثقلين ونهاهم عن التقدّم عليهما والقصور عنهما «أخذ بيد علي فقال: من كنت أولى به من نفسه فعلي وليّه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه»(1).
وأخرج الحاكم بإسناده عن يحيى بن جعدة عن زيد أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد أن ذكر القرآن: «قام فأخذ بيد علي فقال: يا أيها الناس، من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه» قال: «هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه»(2).
وأخرج غير واحد من حفّاظ القوم بأسانيد صحيحة عندهم عن زيد بن أرقم وغيره، أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد أن أوصى في ذلك اليوم بالكتاب والعترة قال: «إن الله مولاي فأنا ولي كلّ مؤمن» ثم أخذ بيد علي فقال: «من كنت وليّه فهذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» فقيل لزيد: «سمعته من رسول الله؟ قال: ما كان في الدوحات أحد إلاّ رآه بعينه وسمعه بأذنه».
أخرجه النسائي والحاكم ـ وصحّحه ـ وابن جرير الطبري وغيرهم(3).
وفي لفظ آخر للنسائي: «إنّ الله وليي وأنا وليّ المؤمنين، ومن كنت وليّه فهذا وليه»(4).
فالولاية في «الله وليّي» و«الله مولاي» وفي «أنا ولي المؤمنين» وفي «فهذا وليّه» هي بمعنى واحد، ولا ريب أنّ «ولاية الله» هي تولّي الامور، والأولوية بالتصرّف… كما لا يخفى على من يراجع كتب التفسير بتفسير قوله تعالى: (اللهُ وَلِيُّ الَّذينَ آمَنُوا…) وغيره، وكذا من يراجع كتب الحديث بشرح الألفاظ المذكورة، كقول الشيخ علي العزيزي المصري: «]أنا وليّ المؤمنين[ أي: متولّي اُمورهم، وكان صلّى الله عليه وآله يباح له أنْ يزوَّج ما شاء من النساء ممن يشاء من غيره ومن نفسه وإنْ لم يأذن كلّ من الوليّ والمرأة، وأنْ يتولّى الطّرفين بلا إذن»(5) وكقول غيره في نظائر المقام.
ومن هنا نرى أنّ غير واحد من أعلام أهل السنّة لم يجدوا محيصاً عن الاعتراف بدلالة حديث الغدير على الأولويّة بالتصرّف، ومن شاء فليرجع إلى الكتب المعنيّة بهذا الحديث الشريف(6).
(1) المعجم الكبير 5 / 167.
(2) المستدرك على الصحيحين 3 / 533.
(3) الخصائص: 69، المستدرك 3 / 109، البداية والنهاية 3 / 209، كنز العمال 13 / 104 برقم 36340.
(4) سنن النسائي 5 / 136.
(5) السراج المنير في شرح الجامع الصغير 1 / 320.
(6) راجع الأجزاء: 6 ـ 9 من أجزاء كتابنا الكبير: نفحات الازهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الاطهار.