المقدّمة السّادسة
إنّ الأئمة عليهم السّلام ما بلغوا المنازل الرفيعة ـ التي لم يبلغها غيرهم ـ إلاّ بالعبوديّة والطّاعة لله عز وجلّ.
إن الأئمة الذين جعلهم الله أبواباً لمن أراده، وسبلاً للوصول إليه، وأسباباً لمعرفته وطاعته، كما ورد عن أبي عبدالله الصادق عليه السّلام إذ قال:
«أبى الله أنْ يجري الأشياء إلاّ بأسباب، فجعل لكلّ شيء سبباً، وجعل لكلّ سبب شرحاً وجعل لكلّ شرح علماً وجعل لكلّ علم باباً ناطقاً، عرفه من عرفه وجهله من جهله، ذاك رسول الله صلّى الله عليه وآله ونحن»(1).
هم أعبد الناس بعد رسول الله على الإطلاق… .
قال الإمام عليه السّلام: «كان علي ـ والله ـ عبداً لله صالحاً، أخا رسول الله صلّى الله عليه وآله. ما نال الكرامة من الله إلاّ بطاعته لله ولرسوله»(2).
نعم، لقد كانت حياة أئمتنا كلّها عبادةً لله وطاعةً له على أنواعها المختلفة، من الصّلاة والصيام والحج، ومن نشر العلم وتعليم الناس، ومن مساعدة الفقراء وكفالة الأيتام، ومن الدعاء والمناجاة، ومن الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر… .
وأمّا حالاتهم مع الله في الخلوات، فلا يعلم بها إلاّ هو… ولربّما اطّلع على بعضها أحدٌ صدفةً فنقلها كما في الروايات… .
(1) الكافي 1 / 183.
(2) بحار الأنوار 25 / 287.