المقدمة الخامسة
القرآن الكريم كلّه كلام الله، لا زيادة فيه ولا نقصان، كما أوضحنا ذلك في بعض كتبنا المنتشرة(1)، وقد كان أئمّتنا عليهم الصلاة والسّلام يحتجّون بآيات القرآن في مختلف المسائل من الاصول والفروع وغيرها، إلاّ أنه ـ كما قال أمير المؤمنين لابن عباس لما أرسله لمناظرة الخوارج ـ : «حمّال ذو وجوه»(2) ولذا ترى أنّ كلّ فرقة من الفرق المختلفة تتمسّك بالقرآن في عقائدها على ما بينها من البينونة والتباين… .
إنه لا ريب في أنّ القرآن الكريم يشتمل على آيات محكمات واخر متشابهات، وعلى عمومات وخصوصات، ومطلقات ومقيّدات، وعلى مجملات لا يرتفع إجمالها إلاّ ببيّنات فيه، وقد لا يرتفع اجمالها أو لا تجد المخصّص أو المقيّد لها إلا في السنّة… .
ومن هنا، فقد تقرّر عند العلماء أنّ «القرآن يفسّر بعضاً» كما تقرّر عندهم أنّ السنّة تخصص الكتاب أو تقيّد على تفصيل تجده في بحوث علم أصول الفقه، بل قد يرفعون اليد عن الآية في المسألة ويأخذون بما جاء في السنّة في موارد كثيرة.
فمسألة «ولاية المعصوم» النبيّ الأكرم وأهل بيته المعصومين، يستدلُّ لها بالكتاب العزيز، وبالروايات المعتبرة الواردة عنهم، وكذا بما ورد عنهم من زياراتهم المأثورة. ولعلّ من أصحّ الزيارات وأجمعها لمنازلهم: «الزيارة الجامعة»، وهذا ما يلوح من كلمات الأكابر حولها:
قال التقيّ المجلسي: «إنّها أكمل الزيارات وأحسنها»(3).
وقال العلاّمة المجلسي: «إنّها أصحّ الزيارات سنداً وأعمّها مورداً وأفصحها لفظاً وأبلغها معنىً وأعلاها شأناً»(4).
وقال السيّد الشبّر: «إنّ الزيارة الجامعة الكبيرة أعظم الزيارات شأناً وأعلاها مكانةً ومكاناً،… فإنها فوق كلام المخلوق وتحت كلام الخالق الملك العلاّم. قد اشتملت على الإشارة إلى جملة من الأدلّة والبراهين المتعلّقة بمعارف اصول الدين وأسرار الأئمة الطّاهرين ومظاهر صفات ربّ العالمين…»(5).
(1) كتاب: التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف.
(2) نهج البلاغة: 465.
(3) روضة المتقين 5 / 452.
(4) بحار الأنوار 99 / 144.
(5) الأنوار اللاّمعة في شرح الزيارة الجامعة: 30.