الشيخ محمد حسين النائيني
وقال استاذ الفقهاء والمجتهدين المحقق النائيني الغروي ما نصّه:
«إن لولايتهم مرتبتين:
احداهما: الولاية التكوينية، التي هي عبارة عن تسخير المكونات تحت إرادتهم ومشيّتهم بحول الله وقوّته، كما ورد في زيارة الحجة أرواحنا فداه بأنه «ما من شيء إلاّ وأنتم له السبب»، وذلك لكونهم عليهم السّلام مظاهر أسمائه وصفاته تعالى، فيكون فعلهم فعله وقولهم قوله.
وهذه المرتبة من الولاية مختصّة بهم وليست قابلة للإعطاء إلى غيرهم، لكونها من مقتضيات ذواتهم النوريّة ونفوسهم المقدسة التي لا يبلغ إلى دون مرتبتها مبلغ.
وثانيتهما: الولاية التشريعية الإلهية الثابتة لهم من الله سبحانه وتعالى في عالم التشريع، بمعنى وجوب اتباعهم في كلّ شيء، وأنهم أولى بالناس شرعاً في كلّ شيء من أنفسهم وأموالهم.
والفرق بين المرتبتين ظاهر، حيث أن الاولى تكوينية، والثانية ثابتة في عالم التشريع، وإنْ كانت الثانية أيضاً لا تكون ثابتة إلاّ لمن له المرتبة الاولى، إذْ ليس كلّ أحد لائقاً للتلبّس بذلك المنصب الرفيع والمقام المنيع، إلاّ من خصّه الله بكرامته، وهو صاحب المرتبة الاولى على ما هو الحق عندنا، خلافاً للعامّة الذاهبين إلى إثبات تلك المرتبة الثانية لكلّ من يقلّد أمر الأمة، من كلّ برّ وفاجر، ولو كان من آل يزيد أو آل مروان.
ولا إشكال عندنا في ثبوت كلتا المرتبتين من الولاية، للنبي وللأوصياء من عترته صلوات الله عليه وعليهم، ويدل عليه الأدلّة الأربعة، كما استدل به المصنف في الكتاب.
وبالجملة، ما أحسن ما ذكره بعضهم في تعريف الولاية بقوله: إنها عبارة عن الرياسة على الناس في أمور دينهم ودنياهم ومعاشهم ومعادهم، ويدلّ على ثبوت هذا المعنى لهم قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم في خطبة الغدير: «ألست أولى بكم من أنفسكم؟» وغيره من الأخبار المتظافرة الظاهرة دلالتها في هذا المعنى، فلا ينبغي الارتياب في ذلك»(1).
(1) كتاب المكاسب والبيع 2 / 332 ـ 333.