الشيخ محمد حسين الاصفهاني
فقال الفقيه العظيم والمحقق الكبير الشيخ محمد حسين الإصفهاني الغروي:
«الولاية حقيقتها كون زمام أمر شيء بيد شخص، من وَلِي الأمر ويليه، والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمة عليهم السّلام لهم الولاية المعنوية والسّلطنة الباطنية على جميع الامور التكوينيّة والتشريعيّة، فكما أنهم مجاري الفيوضات التكوينيّة كذلك مجاري الفيوضات التشريعيّة، فهم وسائط التكوين والتشريع، وفي نعوت سيد الأنبياء صلّى الله عليه وآله وسلّم: «المفوَّض إليه دين الله».
ثم ذكر أنّ الدليل المناسب لإثبات للولاية التشريعيّة هو قوله: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) قال: «فمورد الآية والمفضول فيها نفس المؤمن، فله الولاية على نفسه، والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أولى منه بهذه الولاية، فهو صلّى الله عليه وآله وسلّم أولى بالمؤمن فيما له من الولاية على نفسه وكونه أولى بنفسه من غيره. وإنّما فسّرت الأولويّة بأن إرادته أنفذ من إرادة غيره، رعاية لمفهوم الأولويّة المقتضية لمفضوليّة المؤمن، وأثرها أنفذيّة صلّى الله عليه وآله وسلّم من إرادة المفضول، فهو لازم ولايته صلّى الله عليه وآله وسلّم بالأولوية والأقوائية، لا أن الكلام مسوق لبيان حكم مورد المزاحمة.
ونظير هذه الآية قوله تعالى: (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) أي: ولي أمركم».
قال: «وأما الاستدلال لجواز هذه التصرّفات منهم عليهم السّلام بأنّ الناس مملوكون لهم عليهم السّلام، وأموالهم مملوكة لهم عليهم السّلام، كما ورد «إن الأرض كلّها لنا» فلا يمكن الاّ بحمله على الملك بمعنىً آخر ينسب إليه تعالى، فإن الممكنات كما أنها مملوكة له تعالى حقيقةً بإحاطته الوجوديّة على جميع الموجودات بأنحاء الإحاطة الحقيقيّة، كذلك النبي والأئمة عليهم الصّلاة والسّلام، بملاحظة كونهم من وسائط فيض الوجود لهم الجاعليّة والإحاطة بذلك الوجه، بمعنى فاعل ما به الوجود لا ما منه الوجود فإنه مختص بواجب الوجود، ولا بأس بأنْ تكون الأملاك وملاّكها مملوكة لهم بهذا الوجه، وإنْ لم تكن هي مملوكة لهم بالملك الاعتباري الذي هو موضوع الأحكام الشرعيّة».
قال: «إن وجود المكلَّف وجميع ما أنعم عليه من الكمالات والمال والأولاد منه تعالى ومن رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم باعتبارين، فهو المنعم الحقيقي ورسوله هو المنعم بنحو الوساطة، فصرف كلّ ذلك في سبيل إطاعتهم شكر وتركه كفر»(1).
(1) الحاشية على المكاسب 2 / 379 ـ 381.