الشيخ الانصاري
لقد تعرّض الشيخ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري ـ في كتاب البيع، في مسألة تصرّف الجد والأب ـ لمسألة تصرّف النبي والإمام في أموال الناس وأنفسهم، فقال رحمه الله:
«مقتضى الأصل عدم ثبوت الولاية لأحد بشيء من الامور المذكورة، خرجنا عن هذا الأصل في خصوص النبي والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين، بالأدلّة الأربعة. قال الله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) و (وَما كانَ لِمُؤْمِن وَلا مُؤْمِنَة إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (فَلْيَحْذَرِ الَّذينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصيبَهُمْ عَذابٌ أَليمٌ) و (أَطيعُوا اللهَ وَأَطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاَْمْرِ مِنْكُمْ) و (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ…) الآية. إلى غير ذلك.
وقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ كما في رواية أيوب بن عطية ـ : «أنا أولى بكلّ مؤمن من نفسه» وقال في يوم غدير خم: «ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه». والأخبار في افتراض طاعتهم وكون معصيتهم كمعصية الله، كثيرة، يكفي في ذلك منها: مقبولة عمر بن حنظلة، ومشهورة أبي خديجة والتوقيع الآتي، حيث علّل فيه حكومة الفقيه وتسلّطه على الناس بـ«إني قد جعلته كذلك» و«أنه حجتي عليكم».
وأما الإجماع فغير خفي.
وأمّا العقل القطعي… .
وبالجملة، فالمستفاد من الأدلّة الأربعة بعد التتبّع والتأمل أن للإمام سلطنة مطلقة على الرعيّة من قبل الله تعالى، وأن تصرّفهم نافذ على الرعيّة ماض مطلقاً»(1).
فأوضح شرّاح كتابه، وأقاموا الأدلّة على ما ذكره، وكذا غيرهم من كبار الفقهاء في بحوثهم ومصنّفاتهم الاستدلاليّة في كتاب البيع:
(1) كتاب المكاسب 3 / 548.