4 ـ أمره بأن يصلّي بالمسلمين أحدهم
فإذ لم يحضر عليُّ، ولم يتمكّن من الحضور للصلاة بنفسه، والمفروض خروج المشايخ وغيرهم إلى جيش أُسامة، أمر بأن يصلّي بالناس أحدهم وذاك ما أخرجه أبو داود عن ابن زمعة فقال:
« لما استعزّ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا عنده في نفر من المسلمين، دعاه بلال إلى الصلاة فقال: مروا من يصلّي بالناس ».
وفي حديث أخرجه ابن سعد عنه قال: « عدتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مرضه الذي توفّي فيه، فجاءه بلال يؤذنه بالصلاة فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: مر الناس فليصلّوا.
قال عبدالله: فخرجت فلقيت ناساً لا أُكلّمهم، فلمّا لقيت عمر ابن الخطّاب لم أبغ من وراءه، وكان أبو بكر غائباً، فقلت له: صلِّ بالناس يا عمر. فقام عمر في المقام فقال عمر: ما كنت أظنّ حين أمرتني إلاّ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمرك بذلك، ولولا ذلك ما صلّيت بالناس.
فقال عبدالله: لمّا لم أر أبابكر رأيتك أحقّ من غيره بالصلاة »(1).
وفي خبر عن سالم بن عبيد الأشجعي قال: « إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم لمّا اشتدّ مرضه أُغمي عليه، كلّما أفاق قال: مروا بلالا فليؤذّن، ومروا بلالا فليصلّ بالناس »(2).
وقد كان من قبل قد استخلف ابن أُمّ مكتوم ـ وهو مؤذّنه ـ في الصلاة بالناس كما عرفت.
(1) الطبقات الكبرى 2/170.
(2) بغية الطلب في تاريخ حلب 9/4152، لكمال الدين ابن العديم الحنفي، المتوفّى سنة 660. ترجم له الذهبي واليافعي وابن العماد في تواريخهم وأثنوا عليه. وقال ابن شاكر الكتبي: « وكان محدّثاً حافظاً مؤرّخاً صادقاً فقيهاً مفتياً منشئاً بليغاً كاتباً مجوّداً… » فوات الوفيات 3/126.