نتيجة البحث
لقد استعرضنا أهمّ أحاديث القضيّة، وأصحهّا، ونظرنا أوّلا في أسانيدها، فلم نجد حديثاً منها يمكن قبوله والركون إليه في مثل هذه القضية، فرواة الأحاديث بين « ضعيف » و« مدلّس » و« ناصبيّ » و« عثماني » و« خارجيّ » وكونها في الصحاح لا يجدي، وتلقّي الكلّ إياها بالقبول لا ينفع.
ثمّ نظرنا في متونها ومداليلها بغضّ النظر عن أسانيدها، فوجدناها متناقضة متضاربةً يكذّب بعضها بعضاً بحيث لا يمكن الجمع بينها بوجه بعد أن كانت القضيّة واحدة، كما نصّ عليه الشافعي ومن قال بقوله من أعلام الفقه والحديث.
ثمّ رأينا أنّ الأدلّة والشواهد الخارجيّة القويمة تؤكّد على استحالة أن يكون النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الذي أمر أبابكر بالصلاة في مقامه.
وخلاصة الأمر الواقع: أنّ النبي لمّا مرض كان أبوبكر غائباً بأمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حيث كان مع أُسامة بن زيد في جيشه،وكان النبي يصلّي بالمسلمين بنفسه، حتّى إذا كانت الصلاة الأخيرة حيث غلبه الضعف واشتدّ به المرض طلب عليّاً فلم يُدعَ له، فأمر بأن يصلّي بالناس الموجودين بالمدينة أحدهم، فلمّا التفت بأنّ المصلّي بهم أبوبكر خرج معتمداً على أميرالمؤمنين ورجل آخر ـ وهو في آخر رمق من حياته ـ لأن يصرفه عن المحراب ويصلّي بالمسلمين بنفسه ـ لا أن يقتدي بأبي بكر! ـ وليعلن بأنّ صلاته لم تكن بأمر منه، بل من غيره!!.
ثمّ رأينا أنّ أميرالمؤمنين عليه السّلام كان يرى أنّ الأمر كان من عائشة و« عليٌّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ »(1).
وصلّى الله على رسوله الأمين، وعلى عليّ أميرالمؤمنين والأئمّة المعصومين، والحمد لله ربّ العالمين.
(1) كما في الأحاديث الكثيرة المتفق عليها بين المسلمين، أنظر من مصادر أهل السُنّة المعتبرة: سنن الترمذي 5/398 كتاب المناقب باب مناقب عليّ بن أبي طالب الرقم 3734، المستدرك 3/135 كتاب معرفة الصحابة مناقب أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب الرقم 4629، جامع الأُصول 7/176 كتاب الفضائل والمناقب باب فضائل الصحابة مجملا الرقم 6382، مجمع الزوائد 7/476ـ477 كتاب الفتن باب فيما كان في الجمل وصفين وغيرهما الرقم 12031، تاريخ بغداد 14/322 وغيرها.