حديث أنس بن مالك
أمّا حديث أنس بن مالك، فمنه ما عن الزهري عنه، وقد أخرجه البخاري ومسلم وأحمد.
والزهري من قد عرفته.
مضافاً إلى أنّ الراوي عنه عند البخاري هو شعيب، وهو: شعيب ابن أبي حمزة، وهو كاتب الزهري وراويته(1).
ويروي عن شعيب: أبو اليمان، وهو: الحكم بن نافع.
وقد تكلّم العلماء في رواية أبي اليمان عن شعيب، حتّى قيل: لم يسمع منه ولا كلمةً(2).
والراوي عن « الزهري » عند أحمد: سفيان بن حسين، وقد اتّفقوا على عدم الاعتماد على رواياته عن الزهري، فقد ذكر ذلك ابن حجر عن ابن معين وأحمد والنسائي وابن عديّ وابن حبّان. وعن يعقوب بن شيبة: « في حديثه ضعف »وعن عثمان بن أبي شيبة: « كان مضطرباً في الحديث قليلا » وعن ابن خراش: « ليّن الحديث » وعن أبي حاتم: « لا يحتجّ به » وعن ابن سعد: « يخطىء في حديثه كثيراً »(3).
هذا، وقد روى الهيثمي هذا الحديث فقال: « رواه أحمد وفيه: سفيان بن حسين، وهو ضعيف في الزهري، وهذا من حديثه عنه »(4).
ومنه ما عن حميد عن أنس، وقد أخرجه النسائي وأحمد، وحميد هو: حميد بن أبي حميد الطويل، وقد نصّوا على أنّه كان « مدلّساً » وعلى « أنّ أحاديثه عن أنس مدلّسة »(5) وهذا الحديث من تلك الأحاديث. مضافاً إلى أنّ الراوي عنه ـ عند أحمد ـ هو سفيان بن حسين، وقد عرفته.
هذا، وسواء صحّت الطرق عن أنس أو لم تصحّ فإنّ الكلام في أنس نفسه، فأوّل ما فيه كذبه، وذلك في قضيّة حديث الطائر المشويّ، حيث كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد دعا الله سبحانه أن يأتي بعليّ عليه السلام، وكان يترقّب حضوره، فكان كلّما يجيء عليٌّ عليه السّلام ليدخل على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال أنس: « إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجة » حتى غضب رسول الله وقال له: « يا أنس، ما حملك على ردّه؟! »(6).
ثمّ كتمه الشهادة بالحقّ، وذلك في قضية مناشدة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام الناس عن حديث الغدير وطلبه الشهادة منهم به، فشهد قوم وأبى آخرون ـ ومنهم أنس ـ فدعى عليهم فأصابتهم دعوته(7).
ومن المعلوم أنّ الكاذب لا يُقبل خبره، وكتم الشهادة إثم كبير قادح في العدالة كذلك.
(1) تهذيب التهذيب 4/319.
(2) تهذيب التهذيب 2/396ـ397.
(3) تهذيب التهذيب 4/97ـ98.
(4) مجمع الزوائد 5/331 كتاب الخلافة باب الخلفاء الأربعة الرقم 8933.
(5) تهذيب التهذيب 3/35ـ36.
(6) أخرجه غير واحد من الأئمة في كتبهم، راجع منها المستدرك 3/141ـ142 كتاب معرفة الصحابة باب مناقب أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب الرقم 4650 وهو موضوع الجزء من كتابنا الكبير (نفحات الأزهار) فراجع.
(7) لاحظ: الغدير 1/387.