2 ـ تلاعب القوم في لفظ حديث خيبر
وإذ عرفت أنّ الصحيح عندهم ممّا رووا عن أميرالمؤمنين عليه السّلام في هذا الباب حديث التحريم يوم خيبر ، وعمدته حديث الزهري عن ابني محمّد بن الحنفية عنه عليه السّلام فلا بأس بأن تعلم بأنّ القوم قد رووه بألفاظ مختلفة .
قال ابن تيميّة : « رواه الثقات في الصحيحين وغيرهما عن الزهري ، عن عبدالله ، والحسن ابني محمّد بن الحنفيّة عن أبيهما محمّد بن الحنفيّة ، عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قال لابن عبّاس رضي الله عنه ]لمّا أباح المتعة[ : إنّك امرؤ تائه ! إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حرّم المتعة ولحوم الحمر الأهلية ]عام خيبر[ . رواه عن الزهري أعلم أهل زمانه بالسُنّة وأحفظهم لها ، أئمّة الإسلام في زمنهم ، مثل مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وغيرهما ممّن اتّفق المسلمون على علمهم وعدلهم وحفظهم ، ولم يختلف أهل العلم بالحديث في أنّ هذا حديث صحيح متلقّى بالقبول ، ليس في أهل العلم من طعن فيه »(1) .
وفي البخاري ومسلم والترمذي وأحمد عن الزهري : « أخبرني الحسن بن محمّد بن عليّ وأخوه عبدالله ، عن أبيهما أنّ عليّاً قال لابن عبّاس : إنّ النبي نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهليّة زمن خيبر » .
وفي مسلم : « سُمع عليّ بن أبي طالب يقول لفلان : إنّك رجل تائه » .
وفيه : « سمع ابن عبّاس يلين في المتعة فقال : مهلا يا ابن عبّاس » .
وفي النسائي : « عن أبيهما أنّ عليّاً بلغه أنّ رجلا لا يرى بالمتعة بأساً فقال : إنّك تائه ، إنّه نهاني رسول الله عنها وعن لحوم الحمر الأهليّة يوم خيبر » .
وفي الموطّأ رواه عن عليّ بلفظ : « نادى منادي رسول الله يوم خيبر » .
أمّا الشافعي فروى حديث خيبر ، لكن سكت عن قصّة المتعة لما علم فيها من الاختلاف !
وأمّا الطبراني فروى الحديث بلفظ : « تكلّم عليّ وابن عبّاس في متعة النساء فقال له عليّ : إنّك رجل تائه ، إنّ رسول الله نهى عن متعة النساء في حجّة الوداع » فروى الحديث لكن جعل زمن التحريم حجّة الوداع !
(1) منهاج السُنة 4/189 .