الأقوال في الدفاع عن عمر
وجاء دور المدافعين والموجّهين الّذين يتعبون أنفسهم في هذا السبيل … كما هو شأنهم في كلّ قضيّة من هذا القبيل … حيث الحكم ثابت بالكتاب والسُنّة … وبالضرورة من الدين … والخليفة يخالف بكلّ صراحة … حكم ربّ العالمين …
لكنّهم اختلفوا إلى طوائف … بين قائل بأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الذي حرّمها ، وقائل بأنّ عمر هو الذي حرّمها وقائل بأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الذي نسخ حكم الإباحة لكن لم يعلم به إلاّ عمر !!
أمّا القول الأخير فهو للفخر الرازي ، فقد قال :
« فلم يبق إلاّ أن يقال : كان مراده أنّ المتعة كانت مباحةً في زمن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وأنا أنهي عنها لما ثبت عندي أنّه صلّى الله عليه ]وآله[ وسلّم نسخها »(1) .
وقال النووي بعد قولة عمر :
« هذا محمول على أنّ الذي استمتع في عهد أبي بكر وعمر لم يبلغه النسخ »(2) .
وأمّا القولان الأوّلان فقد ذكرهما ابن قيّم الجوزيّة(3) .
لكن اختلف أصحاب القول الأول في وقت تحريم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى أقوال سبعة(4) .
1 ـ إنّه يوم خيبر . وهذا قول طائفة ، منهم الشافعي .
2 ـ إنّه في عمرة القضاء .
3 ـ إنّه عام فتح مكّة . وهذا قول ابن عيينة وطائفة .
4 ـ إنّه في أوطاس .
5 ـ أنّه عام حنين . قال ابن القيّم : وهذا في الحقيقة هو القول الثاني ، لاتّصال غزاة حنين بالفتح .
قلت : وسأذكر الحديث فيه .
6 ـ إنّه عام تبوك ، وسأذكر الحديث فيه .
7 ـ أنّه عام حجّة الوداع . قال ابن القيّم : « وهو وهم من بعض الرواة ، سافر فيه وهمه من فتح مكّة إلى حجّة الوداع وسفر الوهم من زمان إلى زمان ، ومن مكان إلى مكان ، ومن واقعة إلى واقعة ، كثيراً ما يعرض للحفاظ فمن دونهم »(5) .
وعمدة ما ذكره أصحاب القول الثاني في وجه تحريم ما أحلّه الله ورسوله وبقي الحكم كذلك حتى ذهاب رسول الله إلى ربّه جَلّ وعَلا ـ وقد تقرّر أن لا نسخ بعده صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ هو : « أنّ عمر هو الذي حرّمها ونهى عنها ، وقد أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم باتّباع ما سنّه الخلفاء الراشدون »(6) .
فهذه هي الأقوال التي يستخلصها المتتّبع المنقّب من خلال كلماتهم المضطربة وأقوالهم المتعارضة .
(1) تفسير الرازي 10/56 .
(2) المنهاج شرح صحيح مسلم 9/157 .
(3) زاد المعاد 2/184ـ185 وسنذكر عبارته .
(4) ذكر منها ابن القيّم أربعة هي : خيبر ، الفتح ، حنين ، حجّة الوداع . زاد المعاد 2/183 ، والثلاثة الاُخرى من فتح الباري 9/210 .
(5) زاد المعاد في هدي خير العباد 2/183 .
(6) زاد المعاد في هدي خير العباد 2/184 .