الحديث عن عبد الله بن عمرو:
« حدثنا موسى قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن عبدالله بن عمرو قال: تخلّف النبي صلّى الله عليه وسلّم عنا في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقتنا العصر، فجعلنا نتوضّأ ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار. مرّتين أو ثلاثاً »(1).
وأخرجه مسلم أيضاً حيث قال:
« حدثني زهير بن حرب، حدثنا جرير، وحدثنا إسحاق، أخبرنا جرير، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي يحيى، عن عبد الله بن عمرو قال: رجعنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من مكة إلى المدينة، حتى إذا كنّا بماء بالطريق تعجّل قوم عند العصر فتوضّأوا وهم عجال، فانتهينا اليهم وأعقابهم تلوح، لم يمسّها الماء، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ويل للأعقاب من النار. أسبغوا الوضوء »(2).
أقول:
فهذا عمدة أدلّتهم كما عرفت من كلماتهم. والكلام فيه سنداً ودلالةً:
الكلام في سنده:
أمّا من ناحية السند، فهو من أحاديث كتابي البخاري ومسلم المشهورين بالصحيحين، ولكن ليس كل حديث فيهما بصحيح، فقد تكلم في كثير من أحاديثهما.
وهذا الحديث لا يخلو سنده من نظر:
أما عند البخاري فهو عن « موسى » أي: موسى بن إسماعيل التبوذكي ـ كما قال ابن حجر والقسطلاني وغيرهما ـ وقد ذكره ابن حجر في مقدمة فتح الباري فيمن تكلّم فيه من رجال البخاري، ونقل عن ابن خراش قوله: « تكلّم الناس فيه »(3) ومن هنا أورده الذهبي في ميزان الاعتدال(4).
وأمّا عند مسلم، فمداره على « جرير » وهو ابن عبد الحميد الضبّي، وهذا أيضاً قد أورده ابن حجر فيمن تكلّم فيه من رجال البخاري، فذكر عن بعض العلماء أنّه كان يدلّس، وعن أحمد أنه لم يكن بالذكي، وعن البيهقي: نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ(5).
وذكر هذه الكلمات بترجمته في تهذيب التهذيب وأضاف عن بعضهم عن أبي حاتم أنه تغير قبل موته بسنة. ثم قال ابن حجر: أنه اشتباه(6).
وأورده الذهبي في ميزانه وذكر كلمة أحمد فقال: « قال أحمد ابن حنبل: لم يكن بالذكي في الحديث، اختلط عليه حديث أشعث وعاصم الأحول، حتى قدم عليه بهز فعرّفه » وذكر كلام أبي حاتم ثمّ أيّده بكلام البيهقي المذكور »(7).
(1) صحيح البخاري ـ بشرح ابن حجر ـ 1/213.
(2) صحيح مسلم ـ بشرح النووي ـ 2/128.
(3) مقدمة فتح الباري /446.
(4) ميزان الاعتدال في نقد الرجال.
(5) مقدمة فتح الباري /392.
(6) تهذيب التهذيب 2/66.
(7) ميزان الاعتدال 1/394.