اضطراب القائلين بالغسل تجاه هذه الأخبار:
هذه طائفة من أخبار المسح، وقد اضطربت كلمات القوم واختلفت مواقفهم، فمنهم من كذّبها وكذب نسبة القول بالمسح إلى أُولئك الصحابة والتابعين كالآلوسي(1)، ومنهم من أقرّ بذهابهم إلى المسح ثمّ ادّعى عدولهم عنه كابن حجر(2) ومنهم مع ضعّف أسانيدها، كالآلوسي الذي نصَّ على ضعف ما روي عن عبّاد بن تميم من تنصيص غيره على صحّته(3)… ثمّ التجأوا إلى التحريف…
فحديث أوس رواه المتقي عن جماعة رووه بلفظ: « قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم توضّأ ومسح على نعليه ثمّ قام إلى الصلاة »(4).
وحديث عبد خير عن علي عليه السّلام، الذي أخرجه أحمد والطّحاوي وغيرهما من الأئمّة… رووه صريحاً في الغسل، قال المتقي: « عن عبد خير قال: توضّأ علي فمضمض ثلاثاً من كفّ واحدة، وغسل وجهه، ثلاثاً، ثمّ أدخل يده في الركوة، فمسح رأسه وغسل رجليه ثمّ قال: هذا وضوء نبيّكم محمّد صلّى الله عليه وسلّم. عب ش »(5).
وحديث النزال بن سبرة، أخرجه أحمد بنفس السند دالا على الغسل فقال: «…عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال: صلّينا مع علي رضي الله عنه الظهر، فانطلق إلى مجلس له يجلسه في الرحبة، فقعد وقعدنا حوله، ثمّ حضرت العصر، فأتي بإناء فأخذ منه كفاً، فتمضمض واستنشق ومسح بوجهه وذراعيه ومسح برأسه ومسح برجليه ثمّ قال:… إنّي رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فعل كما فعلت »(6).
وحديث حمران عن عثمان الصريح في المسح، رووه في الغسل… فأحمد كما روى ذاك كذلك روى بإسناده: « عن حمران بن أبان قال: رأيت عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ توضّأ فأفرغ على يديه ثلاثاً فغسلهما، ثمّ مضمض واستنثر، ثمّ غسل وجهه ثلاثاً، ثمّ غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثاً، ثمّ اليسرى مثل ذلك، ثمّ مسح رأسه، ثمّ غسل قدمه اليمنى ثلاثاً، ثمّ اليسرى مثل ذلك، ثمّ قال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم توضّأ نحواً من وضوئي هذا، ثمّ قال: من توضّأ وضوئي هذا ثمّ صلّى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه »(7).
(1) روح المعاني 6/78.
(2) فتح الباري 1/213.
(3) روح المعاني 6/78.
(4) كنز العمال 9/476.
(5) المصدر نفسه 9/444.
(6) مسند أحمد 1/159.
(7) مسند أحمد 1/59.