(4) التحقيق في المسألة
لا شكّ في أنّ الأمر بسدّ أبواب الصّحابة إلاّ باب واحد منهم فضيلة وخصيصة، ولَمّا رأى المناوئون لأمير المؤمنين عليه السّلام المنكرون فضائله وخصائصه ـ كمالك بن أنس ونظائره ـ حديث «سدّوا الأبواب إلاّ باب عليّ» ولم يتمكّنوا من إنكاره لصحّة طرقه، عمدوا إلى قلبه إلى أبي بكر وجعل حديث الخوخة في حقّه، ثمّ اختلفت مواقف المحدّثين والشرّاح تجاه الحديثين.
فمنهم، من لم يتعرّض لحديث «سدّوا الأبواب إلاّ باب عليّ» لا نفياً ولا إثباتاً، كالنووي والكرماني في شرحيهما على مسلم والبخاري وابن سيّد الناس في سيرته.
ومنهم، من تعرّض له واختلف كلامه، كالعيني، فظاهره في موضع طرحه أو ترجيح حديث الخوخة عليه، وفي آخر الجمع بما ذكره الطحاوي وغيره.
ومنهم، من حكم بوضعه كابن الجوزي ومن تبعه.
ومنهم، من اعترف بصحّته وثبوته، وردّ على القول بوضعه أو ضعفه، وحاول الجمع بين الحديثين، كالطحاوي وابن حجر العسقلاني ومن تبعهما.
أمّا السّكوت وعدم التعرّض، فلعدم الجرأة على ردّ حديث «إلاّ باب عليّ» وعدم تماميّة وجه للجمع بين الحديثين، بعد فرض صحّة حديث الخوخة لكونه في الصحيحين.
وأمّا الطّعن في حديث «إلاّ باب عليّ»، فلأنّ الفضيلة والخصيصة لا تتمّ لأبي بكر إلاّ بالطعن في ذاك الحديث، بعد فرض عدم تماميّة وجه للجمع بينهما.
Menu