(1) نصوص حديث سدّ الأبواب إلاّ باب علي
إنّ من الأحاديث الصحيحة الثابتة المشهورة، بل المتواترة… الواردة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في شأن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام… حديث «سدّوا الأبواب إلاّ باب عليّ»… وهذه نصوصٌ مِن ألفاظه في أهمّ وأشهر كتب أهل السنّة:
أخرج الترمذي بسنده عن ابن عبّاس: «إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أمر بسدّ الأبواب إلاّ باب عليّ»(1).
وأخرج عن أبي سعيد قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لعليٍّ: يا عليّ، لا يحلّ لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك.
قال عليّ بن المنذر: قلت لضرار بن صرد: ما معنى هذا الحديث؟ قال: لا يحلّ لأحد يستطرقه جنباً غيري وغيرك»(2).
وأخرج أحمد بسنده عن عبداللّه بن الرقيم الكناني، قال: «خرجنا إلى المدينة زمن الجمل، فلقينا سعد بن مالك بها فقال: أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بسدّ الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب عليّ رضي اللّه عنه»(3).
وأخرجه أحمد كذلك بأسانيد مختلفة عن غير واحد من الصحابة(4).
وأخرج الحاكم بسنده عن زيد بن أرقم قال: «كانت لنفر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أبواب شارعة في المسجد. فقال يوماً: سدّوا هذه الأبواب إلاّ باب عليّ.
قال: فتكلّم في ذلك ناس، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال: أمّا بعد، فإنّي أُمرت بسدّ هذه الأبواب غير باب عليّ فقال فيه قائلكم، واللّه ما سددت شيئاً ولا فتحته، ولكن أُمرت بشيء فاتّبعته.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه»(5).
وأخرج بسنده عن أبي هريرة قال: «قال عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه: لقد أُعطي عليّ بن أبي طالب ثلاث خصال لأن تكون لي خصلة منها أحبّ إليَّ من أن أُعطى حمر النعم. قيل: وما هنّ يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوّجه فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وسكناه المسجد مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحلّ له فيه ما يحلّ له، والراية يوم خيبر.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
وأخرج النسائي بسنده عن الحارث بن مالك قال: «أتيت مكّة فلقيت سعد بن أبي وقّاص فقلت له: هل سمعت لعليّ منقبة؟ قال: كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في المسجد فنودي فينا ليلا: ليخرج من المسجد إلاّ آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وآل عليّ، قال: فخرجنا، فلمّا أصبح، أتاه عمّه فقال: يا رسول اللّه أخرجت أصحابك وأعمامك وأسكنت هذا الغلام؟! فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ما أنا أمرت بإخراجكم ولا بإسكان هذا الغلام. إنّ اللّه هو أمر به.
قال أبو عبدالرحمان: قال فطر عن عبداللّه بن شريك، عن عبداللّه بن الرقيم، عن سعد: إن العباس أتى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: سددت أبوابنا إلاّ باب عليّ؟! فقال: ما أنا فتحتها ولا سددتها»(6).
هذه بعض ألفاظ الحديث كما أخرجها الأئمّة، ولو أردنا استقصاء طرقه وألفاظه المختلفة عن الصحابة الّذين رووه، لطال بنا المقام، وربّما تقف على بعضها أيضاً في خلال البحث.
وبالجملة، فإنّ الخبر قد تعدّى الرواية وبلغ حدّ الدراية، ونحن إنّما ذكرنا طرفاً من ذلك تمهيداً لما أُخرج في الصحيحين من حديث الخوخة، وما ترتّب على ذلك من نظرات وبحوث عند الشرّاح وكبار أئمّة الحديث.
(1) سنن الترمذي 5 / 410 كتاب المناقب باب مناقب علي بن أبي طالب، رقم 3753.
(2) سنن الترمذي 5 / 408 ـ 409 كتاب المناقب باب مناقب علي بن أبي طالب، رقم 3748.
(3) مسند أحمد 1 / 285 مسند سعد بن أبي وقّاص، رقم 1514.
(4) أنظر: المسند 1 / 545 مسند عبداللّه بن عبّاس، رقم 3052 و 2 / 104 مسند عبداللّه ابن عمر، رقم 4782 و5 / 496، حديث زيد بن أرقم، رقم 18801.
(5) المستدرك على الصحيحين 3 / 135 كتاب معرفة الصحابة ذكر مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رقم 4631 و4632.
(6) خصائص علي بن أبي طالب 70 ـ 71 ذكر قول النبي: (ما أنا أدخلته وأخرجتكم)، رقم 40.