كلام ابن روزبهان
قال ابن روزبهان: «كان المسجد في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم متصلا ببيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وكان علي ساكن بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لمكان ابنته، وكان الناس من أبوابهم في المسجد يتردّدون ويزاحمون المصلّين، فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بسدّ الأبواب إلاّ باب عليّ. وقد صحّ في الصحيحين: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمر بسدّ كلّ خوخة في المسجد إلاّ خوخة أبي بكر. والخوخة الباب الصغير.
فهذا فضيلة وقرب حصل لأبي بكر وعليّ»(1).
أقول: في هذا الكلام نقاط:
الأُولى: إنّ عليّاً عليه السلام كان يسكن بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ولم يكن له هنالك بيت.
وهذا إنكار للحقيقة الراهنة التي تدلّ عليها أخبار الباب، ولذا لم نجد أحداً يدّعي هذه الدعوى. نعم، هناك غير واحد منهم ينفي أن يكون لأبي بكر بيت إلى جنب المسجد، أمّا بالنسبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام فالأمر بالعكس، وفي عبارة ابن كثير الآتية تصريح بذلك.
والثانية: إنّه كان الناس من أبوابهم في المسجد يتردّدون ويزاحمون المصلّين. فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بسدّ الأبواب إلاّ باب عليّ.
ومحصّل هذا أنّ السبب للأمر بسدّ الأبواب مزاحمة المصلّين. وهذا ممّا لا شاهد عليه في الأخبار، بل مفاد الأخبار في هذا الباب وغيره أنّ السبب الذي من أجله أمر بسدّ الأبواب عن المسجد هو تنزيه المسجد عن الأرجاس وتجنيبه عن الأدناس، واستثنى نفسه وعليّاً وأهل بيته لكونهم طاهرين مطهَّرين، أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
والثالثة: جمعه بين حديث «باب عليّ» و«خوخة أبي بكر» بأنّ هذا فضيلة وقرب حصل لكليهما، والمقصود من هذا الجمع ـ وإن لم يشتمل على زعم دلالة حديث الخوخة على خلافة أبي بكر كما تقدّم عن بعضهم ـ إنكار اختصاص هذه الفضيلة بأمير المؤمنين عليه السّلام وستعرف الإشكال فيه من كلام الحلبي.
(1) ابطال نهج الباطل. مطبوع ضمن دلائل الصدق 2 / 403.