الطريق الثالث:
وتبقى الطريقة الأخيرة، وهي ردّ حديث المنزلة وعدم قبول صحّة هذا الحديث، مع كونه في الصحيحين وغيرهما كما عرفتم.
وهذا الطريق مشى عليه بعض علمائهم، ممّا يدلّ على فشلهم في الطرق الأُخرى، بعد عدم تمكّنهم من إبطال هذا الحديث بمناقشات علمية.
ولعلّ أوّل من طعن في سند هذا الحديث هو الآمدي، ونقل ابن حجر المكي كلامه إذ قال:
«إنّ الحديث إن كان غير صحيح ـ كما يقول الآمدي ـفظاهر …»(1).
لكن هذا الرّجل مقدوح مجروح عند علماء أهل السنة، كالذهبيوابن حجر العسقلاني، ويكفي لسقوطه كونه تارك الصّلاة:قال الذهبي :
«سيف الآمدي المتكلّم صاحب التصانيف علي بن أبي علي، قدنفي من دمشق لسوء اعتقاده، وصحّ أنه كان يترك الصلاة، نسأل الله العافية . وكان من الأذكياء. مات سنة 631»(2).
فأيّ وجه يتصوّر لاعتماد ابن حجر المكي على قول مثل هذاالرجل الفاسد، إلاّ التعصّب للباطل؟!
ولكنْ، ليس ابن حجر وحده، فقد تبعه فقدتفوّه غيره من متكلّميهم:
قال عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي صاحب (المواقف) في الجواب عن الإستدلال به: «الجواب: منع صحّة الحديث…»(3).
وقال علاء الدين القوشجي: «وأجيب: بأنّه على تقديرصحّته،لا يدلّ على بقائه خليفةً بعد وفاته دلالةً قطعيّةً، معوقوع الإجماع على خلافه»(4).
وقال الشريف الجرجاني في شرح قول صاحب المواقف: «الجواب: منع صحة الحديث «: «كما منعه الآمدي. وعندالمحدثين إنه صحيح وإن كان من قبيل الآحاد»(5).
(1) الصواعق المحرقة: 73.
(2) ميزان الإعتدال 3 / 259 رقم 3647.
(3) المواقف في علم الكلام: 406.
(4) شرح التجريد: 370.
(5) شرح المواقف 8 / 262 ـ 263.