الطريق الأول:
الطريق الذي مشوا عليه بعد المناقشات الفاشلة، هو تحريف الحديث، فبعد أنْ عرفوا أن لا جدوى في المكابرة في أسانيد الحديث ودلالاته، رأى بعض النواصب أنْ لا مناص من تحريف الحديث، ولكنْ ما أشنع تحريفه وما أقبح صنيعه، إنّه حرّف الحديث تحريفاً لا يصدر من الكفّار.
ففي ترجمة حريز بن عثمان من ]تاريخ بغداد[ للخطيب البغدادي، وكتاب ]تهذيب التهذيب[ لابن حجر العسقلاني، يروون عن حريز قوله:
هذا الذي يرويه الناس عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال لعلي: «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى»، هذا حق، ولكنْ أخطأ السامع، يقول الراوي: قلت: ما هو؟ قال: إنّما هو: أنت منّي بمنزلة قارون من موسى، قلت: عمّن ترويه؟ قال: سمعت الوليد بن عبدالملك يقوله وهو على المنبر(1).
فماذا يقال لهذا الرجل ولرواة هذا الخبر، ولكنّ الأسف كلّ الأسف أن يكون حَريز هذا من رجال البخاري، أن يكون من رجال الصحاح سوى مسلم، كلّهم يعتمدون عليه وينقلون عنه ويصحّحون خبره، وعن أحمد بن حنبل أنّه عندما سئل عن هذا الرجل النّاصبي اللّعين قال: ثقة ثقة ثقة.
والحال أنّهم يذكرون بترجمة هذا الرجل: إنّه كان يشتم عليّاً، ويتحامل عليه بشدّة، نصّوا على أنّه كان ناصبيّاً، وأنّه كان يقول: لا أُحبّ عليّاً، قَتَل آبائي.
كان يقول لنا إمامناـ يعني معاوية ـ ولكم إماكم ـ يعني عليّاً، وكان يلعن عليّاً بالغداة سبعين مرّة وبالعشيّ سبعين مرّة.
وقد نقلوا عنه أشياء أُخرى غير هذه.
ومن هنا يمكن للباحث الحرّ أنْ يعرف موازين هؤلاء ومعاييرهم في تصحيح الحديث وتوثيق الراوي، وأنّهم كيف يتعاملون مع علي وأهل البيت.
(1) تاريخ بغداد 8 / 268 رقم 4365، تهذيب التهذيب 2 / 209.