الثالث: تأويل الحديث و حمل مدلوله على خلاف ما هو ظاهر فيه
فيحملون أوّلاً لفظ الحديث الذي يقول: «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك»، يحملونه على أنّ المراد: اللهمّ ائتني بمن هو من أحبّ خلقك إليك وإلى رسولك، فحينئذ لا إشكال، لأنّ مشايخ القوم أحبّ الخلق إليه أيضاً، فيكون علي أيضاً من أحبّ الخلق إليه. «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك»، أي اللهمّ ائتني بمن هو من أحبّ خلقك إليك وإلى رسولك.
راجعوا شروح مصابيح السنّة، راجعوا شروح المشكاة(1) وكتاب التحفة الاثنا عشرية(2) لوجدتم هذا التأويل موجوداً في كتبهم حول هذا الحديث.
وهل توافقون عليه؟ وهل هناك مجال لقبول هذاالتأويل بلا أيّ دليل؟
وقال صاحب التحفة الاثني عشرية: إنّ القضيّة إنّما كانت في وقت كان الشيخان في خارج المدينة المنوّرة، فلذا لم يحضرا فحضر علي.
راجعوا كتاب التحفة الاثنا عشرية(3)، وهذا الكتاب عندهم من أحسن الكتب في باب الإمامة، أو في أبواب العقائد كلّها، وطبع مراراً وتكراراً طبعات مختلفة، وطبعوا خلاصته باللغة العربية مع تعاليق ذلك العدو من أعداء الدين، مراراً وتكراراً في البلاد المختلفة.
أقول: هل كانت هذه القضية في وقت كان أبو بكر وعمر في خارج المدينة المنوّرة؟
واللّه لو كانا في خارج المدينة المنوّرة لما كان عندنا أي كلام، فنحن ما عندنا أي غرض في إثبات شيء أو في نفي شيء.
لكنْ ماذا نفعل مع حديث النسائي(4)، مع حديث أبي يعلى: إنّه جاء أبو بكر فردّه، جاء عمر فردّه، وأضاف صاحب المسند فقال: بأنّ عثمان أيضاً جاء وردّه(5)؟! فهؤلاء كانوا في المدينة المنوّرة، وأيّ ذنب لنا لو كان النسائي وغيره وسائر رواة خبر حضورهم في المدينة كاذبين عليهم؟!
(1) المرقاة في شرح المشكاة 10 / 464.
(2) مختصر التحفة الاثنا عشرية: 165.
(3) مختصر التحفة الاثنا عشرية: 165.
(4) خصائص علي: 29.
(5) البداية والنهاية 7 / 350.