في فقه الحديث و دلالته
ولولا دلالة الحديث على منقبة عظيمة وفضيلة جسيمة لما قال عمر بن الخطاب:
«ما أحببت الإمارة إلاّ يومئذ»(1).
ولم يكن هو وحده بل كان معه أبو بكر، فقد جاء في الروايات:
«فتبادر لها أبو بكر وعمر».
وفي بعض الروايات: «فتصادر لها أبو بكر وعمر»(2).
وفي بعضها: تطاول لها أبو بكر وعمر(3).
بل، كلّ واحد من الصّحابة كان يرجو أن يعطاها، وفي بعض الروايات:
«كلّهم يرجوها»(4).
ولم يكن هذا حالهم في ذلك اليوم فقط، فقد روي عن سعد بن أبي وقّاص أنه قال لمعاوية لمّا أمره بسبّ الإمام عليه السلام:
«أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول اللّه فلنْ أسبّه، لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم…» فذكر فيها حديث الراية…(5).
بل عن عمر بن الخطّاب وعبداللّه بن عمر ذلك، قال الحافظ السيوطي:
«وأخرج أبو يعلى عن أبي هريرة قال قال عمر بن الخطّاب: لقد اُعطي علي ثلاث خصال، لأنْ تكون لي خصلة منها أحبّ إليَّ من أنْ أعطى حمر النعم. فسئل: وما هن؟ قال:
تزوّجه ابنته فاطمة، وسكناه المسجد لا يحلّ لي فيه ما يحلّ، والراية يوم خيبر.
وروى أحمد بسند صحيح عن ابن عمر نحوه»(6).
بل إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام ذكر حديث الراية في مناشدته المطوّلة لأهل الشورى التي ذكر فيها عدّةً من فضائله وخصائصه التي لم يشاركه فيها أحدٌ منهم.
وإذا عرفت شأن حديث الرّاية… .
فاعلم أن علمائنا يستدلّون به على أفضليّة أمير المؤمنين عليه السلام من غيره من الصّحابة، لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله قد وصفه بأوصاف خاصّة به ومنتفية عن غيره، فهو من الأدلّة الواضحة على أفضليّته، فيكون هو الامام بعد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله.
والحمد للّه رب العالمين.
(1) أخرجه مسلم وغيره كما تقدّم في الكتاب.
(2) أخرجه النسائي وغيره كما تقدم في الكتاب.
(3) أخرجه ابن عبدالبر وغيره كما تقدم في الكتاب.
(4) أخرجه البخاري وغيره كما تقدّم في الكتاب.
(5) أخرجه مسلم وغيره. كما تقدّم في الكتاب.
(6) تاريخ الخلفاء: 172.